بدأ يوم الأحد 25 ماي 2008 يوما مهما، هادئا، ثقيلا، و لكن سرعانما تسارعت فيه الأحداث فيما بعد: إنه يوم انتخاب الرئيس اللبناني بعد ستة أشهر من الفراغ. العماد ميشال سليمان انتخب رئيسا للبنان بعد توافق مختلف الفرقاء اللبنانين على اسمه و بمباركة عربية و دولية جمعت الأعداء و الأصدقاء من سوريا و إيران و مصر و السعودية و فرنسا و الولايات المتحدة و غيرهم. لأول مرة في تاريخ لبنان يحضر ذلك العدد الهائل من زعماء الدول ووزراء الحكومات و وزراء الخارجية و المبعوثين الخاصين لحضور انتخاب رئيس لبنان، حتى أن رئيس المجلس النيابي السيد نبيه بري قال في كلمته أن يعتذر للعرب إن كان لبنان فرّقهم ، و يشعر بالفخر اليوم لأنه جمعهم.
أما أمير دولة قطر، الراعي الرسمي للمحادثات فلقد قال أن الغالب في الأحداث الأخيرة هو لبنان و المغلوب هو الفتنة.
و لكن كلمة الرئيس اللبناني المنتخب هي التي كانت ذات أهمية و تطرقت إلى مواضيع فاجئت الجميع. فالرئيس المنتخب دعى إلى عودة اللبنانيين الذين فرّوا إلى إسرائيل قائلا أن حضن البلد كبير و يتسّع للجميع، و في هذا رسالة موجهة إلى حزب الله الذي يعتبر هؤلاء اللبنانيين عملاء و خونة و سبق له أن تعرّض إلى عائلاتهم و أملاكهم لحظة توجههم إلى إسرائيل من دون أن يحاول الإصغاء لهم و العمل على دمجهم في الدولة مع مراقبتهم. إن كانوا هم مكشوفون، فهنالك آلاف العملاء الذين يرتعون في لبنان و غيره
كما أكد الرئيس سليمان على أهمية منح الجنسية اللبنانية لأبناء اللبنانيين في المهجر فهم أحق بها من غيرهم و في هذا أيضا رسالة إلى الموالين إلى سوريا حيث وقعت عمليات تجنيس عديدة في السابق تمّ من خلالها منح الجنسية اللبنانية إلى عدد من السوريين من دون أن نتحدث عن الايرانيين و عن جنود الحرس الثوري
أما عن السلاح، فلقد أكد الرئيس المنتخب أنه لن يسمح أبدا بأن توجه البندقية إلى الداخل اللبناني. فالعدو هو واحد و هو نفسه ، ألا وهو إسرائيل. و عرّج على أهمية وضع استراتجية دفاعية وطنية تضمن سيادة الدولة و بسط سلطتها و تحفظ ماء وجه المقاومة، أي أن الرئيس الجديد هو مع البحث عن حل لسلاح حزب الله و لعل أكثر الحلول المطروحة هي استيعاب الجيش اللبناني لمسلحي حزب الله و سلاحه بحيث يصبح ملكا لجميع اللبنانيين، و يظل موجها إلى العدو إسرائيل و يتم الانتفاع بخبرة مسلحي حزب الله
و لكن كلام الرئيس لم يرق لنواب الحزب الذين لاحظت أنهم لم يصفقوا على مثل هذه الأفكار، بل كان من الواضح اممتعاض عدد منهم. امتعاض كان أيضا مرسوما على تعابير وجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي لم ترق له دعوة الرئيس المنتخب إلى إقامة علاقات طبيعية بين سوريا و لبنان و تبادل السفراء و التعامل بندية
الجواب جاء أيضا في ذكرى تحرير الجنوب، حيث أكد حسن نصرالله أن السلاح لن يوجه للداخل و لكنه لن يتأخر في حماية مصلحته و هو ما يعني أن قادر على توجيهه مرة أخرى مثلما فعل في الأسابيع الماضية. أما عن استراتيجية الدفاع فلقد كان من الواضح أنه يرفض التخلي نهائيا و قطعيا عن السلاح لأي كان حتى و إن كان الجيش اللبناني و يرفض أن يندمج معه
لبنان عاش فرحة لا توصف خلال اليومين الماضيين. احتفالات و ألعاب نارية و مهرجانات غنائية و عودة الحياة لوسط بيروت، و جميعنا أمل أن يعود لبنان سويسرا الشرق