mercredi, janvier 02, 2008

أيها المدونون التونسيون و العرب: أنا آسف و أرجو أن تقبلوا اعتذاري و هذه هي رؤيتي

أولا اسمحوا لي أن أتقدم لكم بأحر التهاني و أطيب الأماني بمناسبة حلول السنة الادارية الجديدة 2008 و حلول رأس السنة الهجرية، راجيا من الله أن يكون العام الجديد أفضل من السنة السابقة. على كل أردت أول مصافحة لي معكم في هذه السنة الجديدة ، أن تكون مصافحة مكاشفة و حوار
السبب هو أن عددا كبيرا منكم يخالفني في أمور كثيرة و عدد آخر لا بأس به يظن العكس بي لذلك أردت أن تكون هذه مصافحة و بداية جديدة. صحيح أنني لست مجبرا على تقديم الاعتذارات أو أن أبرّر مواقفي، و لكنني في نفس الوقت لست كما يطنني العديد منكم
أنا أؤمن بالاختلاف فالاختلاف هو الكفيل بتقدم المجتمع و تطوره إلى جانب دعم الديمقراطية و حقوق الانسان و الحرية. مع الاشارة إلى أن الحرية تفتك و لا تعطى
يرى العديد منكم أن دياناماغازين مدونة تنطق باسم الحكومة في بعض الأحيان و هذا ليس بصحيح. أنا أذكر الحكومة بخير إذا استحق الأمر ذلك و أنتقدها إذا استحق الأمر ذلك أيضا. فأنا لا أرى الأشياء إما بيضاء أو سوداء، بل هناك أخطاء نعم، و لكن في نفس الوقت هناك أمور جيدة و بالتالي فإما أن تكون معارضة مكملة و بنّاءة، أما إذا كنا معارضين فقط من أجل المعارضة و تسجيل النقاط و ثلب الناس و التعرض إلى عرضهم ، فهذا أمر غير أخلاقي و غير مبرر و إنما هو دليل على ضعف المحاججة و قلة الاحترام الذي يكنه المرء لنفسه قبل خصمه. من الأفضل أن يحاكم الانسان إنجازات الطرف الآخر لا أن يحاكم شخصه
هذا في تونس، أما على الصعيد الدولي، يعرف العيدي أنني من محبي الولايات لمتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و غيرهما من الدول الغربية. و لكن على العكس مما يظن الجميع، فإن هذا الاعجاب ليس انبطاحا أو انبهارا. لا أتفق مع سياسات هذه الدول تجاه منطقتنا و لكن رغم ذلك لم أجعل من تتلك السياسة حاجزا بيني و بين تلك الدول. ليس بسبب سياسات الغرب نعلن كرهنا لهم و نخطف الطائرات و نقتل الأبرياء ربما العديد منهم من المتعاطفين معنا و المدافعين على قضايانا. قال رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل، أنه لا وجود لأصدقاء دائمين أو لأعداء دائمين و لكن هناك مصالح دائمة. كلامه صحيح. يجب أن ننظر للأشياء من منظارها و أن نسميها بأسمائها. نحن دائما نلوم الولايات المتحدة و سياساتها في العالم و لكن عندما ننظر للموضوع من زاوية أخرى نرى أن الولايات المتحدة إنما هي تحمي مصالحها و مصالح شعبها حول العالم. لا أعتقد أن سياسات الولايات المتحدة التي أرسى قواعدها العديد من الرؤساء كان هدفهم ربحهم الخاص فهم جميعهم مروا و هم يعلمون أنهم لن يظلوا في الغرفة البيضاوية أكثر من 8 سنوات في أفضل الأحوال. بالتالي كان همهم الوحيد ضمان أمن و استقرار الولايات المتحدة و ضمان تزويدها بالنفط و الغاز و عدد من المواد خدمة للشعب و للأجيال القادمة. بعد النظر هذا في السياسة و الاقتصاد هو ما نفتقده في عالمنا العربي و الاسلامي حيث العاطفة هي المحرك و حيث الرغبة الآنية و الحالية هي المسيطرة فلا ننظر للأمور بروية و لا نبني مواقفنا على استراتيجية. إن ما يعجبني في الغرب هو التقدم بمختلف أنواعه و ميادينه و مدى احترام القوانين و المؤسسات الدستورية و هو أمر نفتقده في عدد كبير من دول العالم الثالث. لا أريد أن ألوم الغرب على مآلنا، فأنا أعلم أن تقدم عدد منهم كان على حساب احتلالنا و استغلال ثرواتنا، كما أن تقدمهم يشارك فيه العديد من علمائنا و لكن لا يجب أن ننكر أن جزءا من المسؤولية نتحمله نحن أيضا و بصفة خاصة العرب. هل تؤمنون فعلا بأن الولايات المتحدة خلف الصراعات الطائفية و المذهبية في العراق و لبنان؟ لا أعتقد ذلك. لأن المثقف منكم و المطلع على التاريخ، سيلاحظ أن الصراعات الطائفية و المذهبية و القبلية في منطقة الشرق الأوسط و الخليج و اليمن هي قديمة قدم الانسان و قبل حتى قيام الولايات المتحدة و إسرائيل و قبل تطور أوروبا و تحولها إلى قوى استعمارية. و لكن الفرق هو أننا لم نصلح من ذاتنا على عكس ما قام به الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة عندما ألغى القبلية و العروشية من تونس و ألغى نظام الأحباس ووحد الشعب خلف الدولة و العلم. لو لم يفعل ذلك لكنا مثل دول عديدة كلبنان و العراق و اليمن و الأردن و سوريا و الجزائر و المغرب. الدول الغربية استغلت هذا الموقف خدمة لمصالحها، بالتالي لا يمكننا أن نحملهم مسؤولية أخطائنا. في الولايات المتحدة، و آخذها هنا كمثال لأنها القوة العظمى الوحيدة الآن منذ انهيار الاتحاد السوفياتي و انكماش أوروبا و لأننا أعرف البلد جيدا، لدينا هناك جالية عربية و مسلمة تقارب السبعة ملايين شخص، نسبة كبيرة منهم غنية و مثقفة، يدرسون بأفضل الجامعات الأمريكية و أرقاها، لديهم أعمال مزدهرة، قادرين على ممارسة ضغوط داخل أمريكا و منافسة اللوبي الصهيوني هناك، و لكن العكس هو الموجود، فهم من أكثر الجاليات سلبية. بالتالي لا يمكن أن نحمل الولايات المتحدة المسؤولية أو المساندين لها في المنطقة طالما أننا نملك ورقة ضغط قوية داخل أمريكا نفسها و لكننا لا و لم نستغلها. ما مسؤولية أمريكا في هذا؟ أو إسرائيل؟ لا أرى مسؤةلية و لكنهم استغلا مثل هذه الثغرة لربح الوقت و خدمة لمصالحهما
نحن شعوب عاطفية و لذلك لن نستطيع أن نغير من أمورنا طالما أن العاطفة هي المحرك. لا بد لنا من استعمال العقل و بناء مواقفنا على أسس استراتيجية لأن العقل قد يكون في أمور كثيرة مخالفا للعاطفة بل و مناقضا لها، لذلك ندعي أن هؤلاء الذين يسبقون العقل على العاطفة أنهم انبطاحيون و غير قوميين و خائنين و عملاء، و لكن إن نظرنا للأمور من زاوية أخرى، لرأينا أنهم بنوا مواقفهم بعد دراسة للوضع ووضعوا استراتيجية مناقضة للعاطفة. فقبول بعضنا بقيام إسرائيل أمر لا تقبله العاطفة و لكن المحلل للأمور و المستعمل لعقله و المجدم للعاطفة سيرى أنه الخيار الوحيد لأن كل الخيارات تمت تجربتها دون نتيجة. لقد سمعنا خطاب رمي اليهود في البحر و سياسة يا الكل يا بلاش و القضية الفلسطينية هي القضية المركزية و المحورية، هذا خطاب نسمعه منذ 60 عاما و لكن هل أتى أكله؟ هل أوصلنا إلى حل؟ لماذا نحكم على 14 سنة منذ 1993 و اتفاقيات أوسلو و نعلن فشل السلام في حين أننا لا نعلن في الوقت ذاته عقم استراتيجيتنا المعلن عنها منذ 60 عاما؟ بعد أن كانت فلسطين قضيتنا المحورية، اليوم أصبح للعالمين العربي و الاسلامي قضايا محورية عديدة: الصومال، جيبوتي، جزر القمر، موريطانيا، السودان، الجزائر، المغرب، الصحراء الغربية، لبنان، العراق، اليمن، باكستان، بنغلاديش، اندونيسيا و القائمة طويلة. كيف تريدون الوقوف في وجه الولايات المتحدو و اسرائيل و العولمة، و نحن بيتنا الداخلي غير منظم و غير مرتب و صفوفننا غير منسقة؟ سيحمل البعض منكم الولايات المتحدة و اسرائيل المسؤولية و إذا قام أحدكم بذلك الآن فهذا يعين أنني كنت كمن يحرث البحر من خلال السطور السابقة. عوض أن نحمل الغرب المسؤولية و نرمي بأخطائنا على الآخرين لأن ذلك أسهل من أن نقر بأخطائنا، لماذا لا نحاول إصلاح أنفسننا؟ الإصلاح يبدأ من الفرد و محيطه و عائلته و أصدقائه فحيه، فبلدته، فمدينته و بالتالي المجتمع و البلد. الاصلاح يبدأ بالمشاركة في الجمعيات و الأحزاب و المنظمات، أن نتعلم أن نكون فاعلين و أن نحقق الفارق، أن نكون مختلفين لأن الاختلاف هو الذي يخلق التطور. لا يمكننا أن نكون جميعا في نفس الخندق أو أن نتخذ نفس القرارات و أن يكون لنا نفس الآراء لأن ذلك يتنافى و طبيعة الانسان.نحن لسنا برجال آليين، بل لكل منا طريقة تفكيره و رؤيته للأمور و دراسته للأشياء، لكل منا عاطفته، و بالتالي ربما الجامع الوحيد فيما بيننا هو القاسم المشترك و بالتالي لا بد لنا من البحث عن ذلك القاسم المشترك الذي سيوحد فيما بيننا رغم الاختلافات الكثيرة و الكبيرة
لبنان...هذا الأرق اليومي...أحب ذلك البلد و أرغب في زيارته...هي زيارة أجلت إلى أجل غير مسمى منذ سنوات بسبب الأوضاع الأمنية هناك..و سواء أن أصل العائلة يعود إلى لبنان أولا، فإنني أجيب على تساؤلات البعض منكم حول سبب حبي للبنان و أقول: أنا أحب لبنان، و أحب باكستان و أحب العراق و أحب السعودية و أحب الكزويت و أحب البحرين و أحب قطر و أحب الامارات و أحب المغرب و أحب مصر و أحب الأردن و أحب فلسطين و أحب سوريا و أحب تركيا و أحب اليمن و أحب عمان و أحب الصومال و أحب جيبوتي و أحب اسبانيا و احب بريطانيا و أحب الهند و أحب أمريكا و أحب المكسيك و و و ، لأنني أنظر لكل هؤلاء على أساس أنهم أناس قبل أن أفكر في ميولاتهم و أديانهم و اجناسهم، كما أنني لا أتحرك بالعاطفة أو بكرة القدم التي قد تتحكم في الشخص . العديد من التونسيين مثلا لا يحبذون دول الخليج و يعتبرونهم متخلفين، مجرد بدو كانوا يقودون الجمال و أصبحوا يقودون الكاديلاك و يسكنون القصور. إنها نعمة حباهم بها الله لذلك يجب أن نوكون جميعا لله شاكرين و أن لا نحسدهم عليها بل أن نسأل الله أن يحسنوا استعمالها لما فيه خيرهم و خير أمتنا. أنا أستغرب، حتى من أصدقائي الذين لم تطىء أرجلهم المطار يوما، كيف يمكنهم أن يحكموا على شعوب لا رابط بينهم؟ على الأقل أنا أحكم لأن لدي العديد من الأصقاء يتلك الدول و لأنني زرت البعض منها أو تحدثت مباشرة لمواطنين من تلك الدول على أراضي دول أخرى. لأعود و أكرر أننا نبني قراراتنا على أسس عاطفية لا عقلانية. هناك أشقاء خليجيين بلغتنا نحن التونسيين "قافزين حتى علينا"، بالتالي لماذا نحاول دائما أن نقزّم من الآخر؟ ختى نحكم على أمر ما لا بد من دراسته. هذا هو العدل. هناك كره أو حالة نفور مجانية في عالمنا العربي و الاسلامي و لا أساس لهل سوى ترسبات تاريخية قديمة. انظروا اليوم إلى دبي و الامارات و قطر و البحرين، هذا مثال علة أن درجة الوعي هناك أصبحت كبيرة و أصبحوا يستحقون الشكر و الثناء لأنهم أيقنوا أن الثروات الطبيعية زائلة و لا بد من استغلالها استغلالا محكما خدمة للشعب و للأمة كما أنهم بدأوا في استثمار العائدات النفطية في دول أخرى هي بحاجة للاستثمارات مثل تونس و المغرب و لبنان و مصر و اليمن و سوريا و حتى في معقل الدول الكبرى مثل أمريكا و بريطانيا و فرنسا و الصين. و انا أعتقد شخصيا أن في ذلك قوة ليس فقط للامارات أو قطر أو السعودية أو الكويت بل قوة لنا كعرب و كمسلمين قد نشكل بها ورقة ضغط في المستقبل...نعم هذا هو المفرد الذي أبحث عنه.."المستقبل" و هو مرادف لمفهوم "الاستراتيجية"..يجب أن نكون استراتيجيين و ان ننظر للمستقبل لا أن نكون أنيين، حاليين و ان نتسائل ماذا جلبت لنا تلك الاستثمارات أو السياسات..يجب أن تعلم الصبر و الانتظار..قد نزرع نحن اليوم و لكن قد يحصد ذلك أبنائنا أو ابناء أبنائنا...هكذا تقدم الغرب و أمريكا و اسرائيل لأنهم بنوا للمستقبل و مازالوا يفعلون
على كل..أنا دائما أبني مواقفي بعد دراسة كل المواقف. فمثلا بالعودة للبنان، أنا أتابع كل القنوات الاخبارية اللبنانية و العالمية، المنحازة لفريق ما و الغير منحازة، و أتابع البرامج الوثائقية و أتصفح تاريخ الوضع من خلال الانترنات و أدرس الدستور اللبناني و اتفاق الطائف , اراء الفرقاء و تاريخ الدول المعنية، ثم بعد ذلك أخرج بنتيجة و اكتب مقالي أو أتخذ موقفي بعد أن أكون قد حللت كل المواقف و الآراء. هذا ما يجب أن نكون عليه و بطبيعة الحال في كثير من الأحيان تكون النتيجة منافية للعاطفة كان أكون ضد حزب الله بالرغم من أنني أعرف دور المقاومة في محاربة اسرائيل و أهمية سلاح حزب الله و لكن العقل و الاستراتيجيا و المستقبل يقولون عكس ذلك بعد دراسة مختلف المواقف و الاستماع لمختلف اللاعبين الأساسيين
لا أخفي أنني في كثير من الأحيان أكتب مقالات من أجل استفزاز القارىء، أو أن أضع صور مستفزة مثلما فعلت مع السيد حسن نصرالله أو الرئيس بشار الأسد أو أميل لحود أو الجنرال عون أو صدام حسين. و إن كنت آسف بهذا الشأن إلا أنني لن أتوقف...لن أتوقف حتى نتعلم القراءة فيما بين السطور و بين الصور و أن تعلم كيفية إعمال العقل لا العاطفة. فبالرغم من أنني آسف إن جرحت مشاعر البعض بسبب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إلا أنني أعتقد أنه من الأفضل تسمية الأمور بأسمائها...ليس لأنه عربي مسلم علي أن أقف إلى جانبه..بل إن نظرة للأمور تجعلنا نقر جميعا بأنه رجل عسكري، دخل حروبا متتالية دون أي استرايجية واضحة، شكل خطرا على المنطقة و العالم، تسبب في مآس كثيرة لشعبه و لكن لنا نحن أيضا بما أننا نعاني الآن من حالة الانشقاق التي خلفها غزوه للكويت. فقبل 1990 كان هناك نوع من الوحدة بين العرب، تلك النسبة الضئيلة قضى عليها صدام حسين بغزوه للكويت. و حتى لو فرضنا أن الكويت جزء من العراق، فإن ذلك لا يعطي الحق في ضم بلد مستقل و ذا سيادة، و غلا فإننا سنشرع لسوريا ضم لبنان و للسودان ضم مصر و لتونس ضم أجزاء من ليبيا و الجزائر و هلّم جرّ. أعيد و أكرر، في بعض الأحيان نكون مطالبين بقبول الأمر الواقع بعد إعمال العقل و في ذلك ليس انبطاحا أو تخليا، بل استراتيجية قد تكون منافية للعاطفة
الرجل أخطأ...حتى عندما كوّن جيشا قويا و عددا من العلماء، ماذا فعل بهم؟ من الخاسر الأكبر؟ إنه نحن. لأنه و لأننا لم نحسن استغلال ما امتلكه و ما كان يمكن أن يمتلكه بفضله بقية الدول العربية و الاسلامية لأننا لا نمتلك استراتيجية واضحة و لأننا نعمل العاطفة بدل العقل
أتمنى أن يكون هذا المقال واضحا و إلى فرصة أخرى