jeudi, janvier 17, 2008

تونس: تكليف سامي للسيدة الشافعي ورسالة حسن نية رئاسية للمحجبات


في توقيت حرج توجهت فيه أصابع اتهام المعارضة الاسلامية للسلطات التونسية بممارسة سياسة عدائية تجاه الاسلام كمكون رئيس وحضاري لهوية الدولة التونسية، جاء خبر الاعلان عن تكليف السيدة لمياء الشافعي الصغير بمنصب كاتب دولة مكلفة بالاعلامية والانترنت كدليل اخر على تحرر المؤسسة الرئاسية من بعض التهم الموجهة اليها من قبل شرائح اسلامية معارضة .

الرئيس زين العابدين بن علي اختار بتعيينها رسالة ايجابية قاطعة تجاه موضوعات الهوية والانتماء العربي الاسلامي لتونس حين استقبل بقصر قرطاج خبيرة الاعلامية الشافعي ليكرمها بهذا المنصب السامي والرفيع.

انها رسالة حسن نية رئاسية تجاه جزء كبير من نساء تونس اللواتي عبرن عن اعتزازهن بالحداثة كما تمسكهن بالحياء والأصالة كجزء لا يتجزأ من موروثات شعب ناضل كثيرا من أجل استقلاله وسيادته وانتمائه العربي الاسلامي .

هذه الرسالة الرئاسية تم تأكيدها يوم الجمعة الرابع من يناير 2008 على شاشة التلفزيون التونسي وعلى مستوى الصور التي التقطت للحدث من قبل أجهزة الاعلام الرسمي، حين استقبل الرئيس زين العابدين بن علي بالقصر الرئاسي كاتبة الدولة الجديدة موشحة بلباس حرص على المزاوجة بين متطلبات الأصالة والحداثة، لتصل الرسالة واضحة الى قوى المعارضة الاسلامية بأن الاعلان عن تأسيس اذاعة الزيتونة للقران الكريم لم يكن خطوة معزولة في علاقة الدولة بالاسلام كدين رسمي لها .

وللتذكير فان هذه الرسالة الرئاسية جاءت لتعزز رسالة سبقتها في موفي شهر رمضان المعظم من السنة الميلادية المنقضية عبر استقبال رئاسي رسمي وتكريم لسيدات تونسيات وعربيات حرصن على التمسك بالحجاب كلباس حضاري لم يحرمهن من التألق والعطاء والاضافة .
فقبل ثلاثة أشهر تقريبا ظهر الرئيس التونسي على شاشة التلفزيون الرسمي وهو يكرم عددا من المحجبات كنّ من بين مجموعة من المتفوقين في حفظ وتفسير القرآن الكريم، منهم وصال النصراوي ورقية طه جابر العلواني الأستاذة بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة البحرين.

الخطوات الرئاسية المتتالية - والتي فندت بطريقة غير مباشرة ما يروج له في بعض الأوساط العربية من محاربة تونسية رسمية لقيم وشرائع الاسلام - هذه الخطوات يبدو أنها تعبيرا من أعلى هرم السلطة عن الاستعداد لمراجعة بعض تشنجات الرئيس الراحل بورقيبة وتوترات بعض غلاة اللائكية في علاقتهم بموضوعات الهوية الوطنية ومقارباتهم المتعسفة في تأويل النصوص الدينية الثابتة .
الرسالة الرئاسية لا يغبش عليها في حسن نيتها ومضمونها الشجاع والايجابي السار الا بعض المحاكمات التي تعيشها تونس هذه الأيام على خلفية انتماء البعض الى مجموعات سلفية قالت السلطات بأنهم كانوا يخططون لمغادرة البلاد قصد الالتحاق ببعض الجماعات المسلحة وهو ما نفاه أو شكك فيه منوبوهم من المحامين .

هذا ولا تزال المحاكمات في اطار ما عرف بقضية سليمان تثير كثيرا من الجدل الحقوقي والسياسي بخصوص ظروف الاعتقال والمحاكمة وأطوار القضية التي رأى المحامون في حيثياتها كثيرا من الثغرات أو المناطق الرمادية.

أما بخصوص ملف حركة النهضة المحظورة فالواضح بأن السلطات قد حسمت قرارها باتجاه حل انساني متدرج للملف، وهو ما ترى فيه أوساط نهضوية بالخارج والداخل حرمانا لها من التمتع بحق المشاركة السياسية واثراء الفضاء العام، فيما عبر قادة اخرون عن قبولهم بحسم الملف انسانيا من حيث تثبيت الحقوق الصحية والمادية والدراسية ..كخطوة تليها خطوات أكثر ايجابية على طريق الحل السياسي العادل والشامل .

وبخصوص الملف الاجتماعي وفي الوقت الذي سجلت فيه تونس بحسب أرقام البنك المركزي أعلى نسبة نمو منذ عشر سنوات وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس بن علي عن دخول البلاد بعد مرور عشرين سنة على التحول طور المشاريع الاقتصادية الضخمة، فان الأوساط النقابية والاجتماعية أبدت قلقا تجاه بطالة الشباب وخريجي الجامعات وتراجع القدرة الشرائية، وهو ما عزت الحكومة أسبابه الى ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية وقلة موارد الدولة الباطنية وارتفاع كبير في عدد خريجي الجامعات في ظل ارتفاع معدلات التمدرس تونسيا .

يذكر بأن تونس تمثل بحسب شهادة مؤسسات اقتصادية عالمية واحدة من أبرز الدول النامية على الصعيد المغاربي والافريقي وحتى العربي، وذلك بفضل ما تتمتع به الدولة من كفاءات علمية وتقنية وابداعية تعتبر الأبرز على صعد متوسطية، وهو ما ساعد القيادة السياسية على استثمار هذه الثروة البشرية في موضوعات التنمية الاقتصادية ومجالات الانشاء والاعمار.
وبالمقابل فان رصيد التنمية السياسية يعد متراجعا وضعيفا في تقديرات الخبراء الدوليين والديبلوماسيين وهو ما جعلهم لا يتوانون في نقد التجربة والتعبير عن تعاطفهم مع كثير من مطالب التيار الاصلاحي المعارض.

مرسل الكسيبي
كاتب واعلامي تونسي


reporteur2005@yahoo.de