تابعت في المدة الأخيرة حديث عدد من الأصدقاء المدونين عن البعد الجهوي في تونس و تنامي الحساسيات الجهوية. الظاهرة لا يمكننا نفيها أو الادعاء بانعدام وجودها. في الواقع، كثيرا ما كنت فخورا بما قام به الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة عندما ألغى من تونس الحديثة مفهوم القبلية و الانتماء إلى العرش و القبيلة و ألغى الأحباس. هذا الأمر شكل مفخرة لي خاصة عندما أستعرض حال دول شقيقة أخرى حيث أن الولاء يكون للقبيلة و للطائفة قبل أن يكون للوطن أو حيث أن إمكانية نشوب نزاع مسلح لأسباب فئوية قابل للحصول بنسبة كبيرة و الأمثلة في عالمنا العربي عديدة مثل لبنان و الأردن و العراق و اليمن. لكن عددا آخر من أصدقائي يقولون لي دائما كلامك صحيح لكننا أصبحنا نعاني في تونس من آفة جديدة هي الجهوية. هذا بنزرتي و الآخر تونسي و هذا من الكا.جي.بي و الآخر صفاقسي و هذا جريدي
أستغرب الأمر عندما يكون المتحدث عن الجهوية و المتقبل للكلام هم أشخاص من الطبقة المثقفة، مواطنين دخلوا الجامعات و عاشوا بالمبيتات. لا أعتقد نفسي يوما قد أفرق بين الأشخاص لأسباب جهوية لأنه لدي أصدقاء من مختلف أنحاء تونس و ذلك بفضل الجامعة و المبيت و الكراء. لا يمكنني أن أتحدث يوما عن الكا.جي.بي لأنه لدي أصدقاء يقطنون بالكاف و جندوبة و باجة و بالتالي إذا ما تحدثت عن الجهوية فهذا يعني أنني لا أتحرم أصدقائي و لا أحترم من جمعني معهم الخبز و الماء و الملح
ثم ما هذا الحديث عن الجهويات في حين أننا نرى البنزرتية تتزوج من قابسي و التونسي الذي يعمل في سليانة...تونس للجميع و الجميع تونسيون
أعتقد أن الأمر لا يتخطى حدود النقاش و لكن من الأفضل أن لا نحرك الموضوع و نجعل منه قضية لأنه ليس بقضية أصلا...إنه فقط حي في بعض الأنفس المريضة و المعقدة لأننا اليوم و في القرن 21 أعتقد أننا تخطينا في تونس العديد من النقاط السلبية و المتخلفة