يوم أمس الأربعاء 2 جانفي 2008 كان يوما حافلا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب و سأبدأ عكسيا. من واشنطن..ففي واشنطن أعلنت الخارجية الأمريكية أن التحقيق الدولي في مقتل بي نظير بوتو لن يجدي نفعا في الوقت الحاضر. موقف الخارجية الأمريكية استدعى انتباهي خاصة و أنه مناقض لمواقف واشنطن العادية من حوادث الاغتيالات السياسية و بصفة خاصة مقتل حلفائها و هو أمر قد يكون من ورائه تفاهم سري مع الرئيس برويز مشرف. ونبقى في الولايات المتحدة الأمريكية حيث انطلقت عملية الانتخايات الأولية في ولاية ايوا. بالرغم من أن عدد سكان الولاية قليل جدا مقارنة بالولايات الأخرى إلا أن البعض يعتقد أنها ستكون محطة حاسمة بالنسبة لمرشحي الأحزاب مع تقدم لباراك أوباما ذي الأصل الافريقي و لكن و في نفس الوقت هناك تقارب بين مختلف المترشحين. شخصيا أنا مع هيلاري كلنتون
و من واشنطن إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد حيث أرجأت الانتخابات إلى يوم 18 فيفري و ذلك عقب اغتيال رئيسة الوزراء السابقة و رئيسة حزب الشعب الباكستاني بي نظير بوتو. ففي الوقت الذي عبر فيه الرئيس مشرف عن قبول باكستان مشاركة محققين بريطانيين من سكوتلاند يارد، رفضت الخارجية الباكستانية اقتراح فرنسيا بالمساعدة الأوروبية في التحقيق بطريقة دبلوماسية عندما قال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية أن باكستان قد تقبل المساعدة في التحقيق إن رأت ذلك ضروريا و لكن حتى إن تم تدويل تحقيق اغتيال بي نظير بوتو مثل الحريري فما الجدوى من ذلك بعد أن قامت الحكومة الباكستانية بتنظيف مكان الحادث و نقل السيارة و مسح العديد من الأدلة و المخلفات؟ وزير الخارجية الفرنسي كوشنير تم منعه من التوجه إلى قبر بي نظير بوتو بتعلة الحالة الأمنية فقام بوضع إكليل زهور في مكان الحادث و قد فسر عدد هذا المنع أن سببه الحقيقي خوف السلطات الباكستانية من أن تعزز زيارة كوشنير لضريح أل بوتو من فوز حزب الشعب
و من إسلام آباد نطير إلى دمشق حيث أمتعنا وزير الخارجية السوري وليد المعلّم بمؤتمر صحفي أعلن فيه توقف التشاور السوري الفرنسي حول الملف اللبناني كما أعلن أن الحل بيد اللبنانيين أنفسهم و أن سوريا لن تظغط على حلفائها في لبنان و أطلق تسمية 14 شباط على فريق السلطة فريق 14 آذار. إذا، إن كان الحل ليس بيد سوريا فلماذا قامت سوريا بالتفاوض طيلة الفترة الماضية؟ إن كانت سوريا لا تتدخل في الشأن اللبناني فلماذا تقبل أصلا التحدث في ذلك الشأن مع الفرنسيين و العرب؟ ألا يعتبر التحدث عن أطراف النزاع اللبنانيين و إطلاق التسميات على فريق دون آخر و الاجتماع بالمعارضة في دمشق و تنسيق الخطوات و المواقف بين سوريا و المعارضة اللبنانية، ألا يعتبر كل ذلك دليلا على التدخل السوري بلبنان؟ إن رأيتم عكس ذلك، فأنا أنصحكم بمراجعة اختصاصي عيون
و من دمشق إلى بيروت حيث أجرى السيد حسن نصر الله مقابلة تلفزيونية. ما لاحظته هو أن السيد كان هادئا على عكس عادته و لكنه في نفس الوقت أرسل بعشرات الرسائل التهديدية ليس فقط لفريق 14 آذار بل و للبنانيين جميعا و إلا فكيف تقسرون قول السيد أن المعارضة قد تنزل للشارع و أن الأمور قد تتفاقم و تخرج عن السيطرة؟ أليس في ذلك تهديد و إعلام بأن الحرب الأهلية قد تكون على الأبواب؟ و إذا وقع المكروه ترى أين سيكون سلاح حزب الله و إلى أي صف؟ أعتقد أن الاجابة واضحة..ولعلكم فإن حزب الله لن يخسر شيئا لأن همه الأخير هو تعمير لبنان فلقد سبق أن قال ذلك للرئيس الحريري سابقا عندما أعلموه أن الأولوية هي لإخراج المحتل الاسرائيلي من آخر شبر لبناني وبعدها يأتي الاعمار و بالتالي لا تعتقدوا أن حزب الله قد حمل يوما همّ ما هدمته الآلية العسكرية الاسرائيلية و ما يمكن أن تهدمه الحرب الأهلية و في هذا دليل على قصر نظر الحزب فلو أنه وضع في الحسبان أن 0.01% من الرد الاسرائيلي أو تفاقم الوضع الداخلي سينعكس سلبا على لبنان لما قام بكل ما قام به و لكنه يقوم بكل تلك الأمور تغطية منه للوضع الاقليمي خاصة فيما يتعلق بسوريا و إيران حتى تظل لبنان ورقة في يد الجميع و ساحة لمعارك الآخرين
