lundi, janvier 21, 2008

الانتصارات المزعومة للعرب




دائما ما أقول لأصدقائي أمن منطقة الشرق الأوسط هي منطقة ملعونة. فالحروب و المشاكل دائما متتالية و مستمرة، و كلما وصل أطراف نزاع ما في بلد ما إلى التقدم شوطا نحو الأمام، يقع أمر يعيد الجميع أشواطا إلى الخلف. إن ما دفعني لكتابه هذا المقال هو مقال قرأته لأحد المدونيين التونسيين أعجبني ما أورده من حديث و هو لعماد حبيب بعنوان "حماس و تصفية القضية"http://http://imedhabib.blogspot.com/2008/01/blog-post_21.html



إسرائيل...أصبح كرهنا لها و كرههم لنا متوارثا أبّا عن جدّ، و كأنهم هم المسؤولون عن المآسي التي تقع لنا و هو أمر غير صحيح. فأين الضغط العربي؟ ألسنا نحن مالكي البترول و الغاز؟ ألم يقل الأشقاء في مصر و الأردن و موريطانيا أن اتفاقيات السلام التي تربط دولهم بتل أبيب إنما هي اتفاقيات لخدمة القضية الفلسطينية؟ أين هذه الاتفاقيات؟ أين مسار السلام؟ ألم ندمره نحن؟ عندما وقع أطراف النزاع اتفاقيات أوسلو في ذلك اليوم التاريخي المشمس بحدائق البيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993، عاد الزعيم عرفات لغزة، أقيم المطار و الميناء، بعثت الخطوط الفلسطينية، أصبح التنقل سهلا و سلسا من و إلى الكنطقة، عشنا و عاش الجميع زمنا ورديا أفقنا منه باغتيال أسحاق رابين...دمعت عيناي عندما رأيت زوجته تدخا المستشفى و كان هو قد فارق الحياة، دمعت عيناي لأنني كنت مؤمنا عندها، رغم ضغر سني، أننا سنقول قريبا للسلام عليك السلام. السلام ليس سهلا في منطقة الكره فيها متوارث. السلام ليس سهلا في منطقة فيها المع و الضد. وعندما اغتال غلاة اليهود رابين، استغل غلاة الفلسطينيين التراخي الأمني الاسرائيلي و قاموا بتفجيرات يومية في تل أبيب و القدس و غيرها، لم يتركوا فرصة للسلام، لم يتركوا فرصة لإظهار حسن النوايا، لم يترك أحد فرصة لتبادل الثقة، الجميع عجّل بالقتل و التصفية و الدمار، فلم نترك فرصة لمن مدّ يده لنا في اسرائيل للمساعدة، بل قضينا على آخر أمل، خسر بيريز الانتخابات و سهّلنا على اليمين المتطرف في اسرائيل الصعود لسدّة الحكم. المنطقة تعيش في الظلام منذ سنوات و ليس منذ الأمس في غزة فقط.

منذ أمد بعيد و نحن نتوهم. عدد كبير منا حمل و لايزال الشعار الناصري "يا الكل، يا بلاش"، و "راح نرميهم في البحر"، و لكن لماذا لم نحكم على مثل هذه الشعارات و على شعارات القوة التي جربناها منذ أكثر من خمسين عاما بالفشل و العقم، و نحكم على مسيرة السلام المتواضعة منذ 14 سنة بالفشل و العقم؟ في 67 جيوش سوريا و مصر و الأردن و جنود و متطوعون من لبنان و تونس و المغرب و السودان و غيرها، حاربوا المحتل و ماذا كانت النتيجة؟ خسرنا الجولان و سيناء و قطاع غزة و الضفة الغربية و القدس الشرقية. و في حرب أكتوبر 73، عندما عبر الجنود المصريين القنال و أعادوا سيناء صوّر الحدث و كأنه نصر. كان نصرا نعم، و لكن هل تعلمون حقيقة أمور حرب أكتوبر 73؟ عبر المصريون القنال في اليوم الأول و كان عددهم 8000 جندي، بحلول الليل و الفجر الموال تجاوز عددهم الستين ألفا، و في الجهة الأخرى تقدمت الجيوش السورية تقدما كبيرا بالجولان و أعادت مدينة القنطرة المهمة و احتلت منشآت عسكرية اسرائيلية. في اليوم الموالي، تقهقرقت الجيوش السورية و خسرت كل ما ربحته في اليوم الأول، أما مصر، فلقد سارعت إلى قبول المساعي السوفياتية و الأمريكية من أجل وقف إطلاق النار، و لم تسترجع مصر كامل أراضي سيناء إلى بعد إبرام اتفاقية السلام مع تل أبيب. هل تسمّون هذا فوزا؟

أما حزب الله، فإن العملية التي قام بها في صائفة 2003 لن يكن لها مبرر شرعي، إلا أن الحزب أراد تشتيت التركيز الاسرائيلي على غزة و تحويليه إلى الشمال. و بالرغم من أن حزب الله مازال يسوّق لنظرية ان اسرائيل كانت تستعد لضرب لبنان و هو قام فقط بتقديم الموعد مربكا القيادة العسكرية الاسرائيلية، فإنه إلى حد الآن لم يقدم الدليل القاطع على أن اسرائيل كانت تستعد لضربه و ضرب لبنان، و أعتقد أن المثقف منكم و الواعي يعلم أنه لا يمكن توزيع الاتهامات على اليمين و على اليسار دون دلائل و حجج، و إلا فإن الكلام يرتدّ على قائله. و اليوم، أمام الضغط الاسرائيلي المتواصل على غزة، و أمام وجوده في عنق الزجاجة اللبنانية، ربما يقدم الحزب على مزيد توتير الوضع مع اسرائيل و إدخال لبنان في حرب جديدة. سألني مرة أحد الأصدقاء عن من الضامن لسلامة و أمن لبنان إذا ما سلّم حزب الله سلاحه؟ أجبت: الدولة اللبنانية، مثلها مثل كول دول العالم. لكنه أعاد سؤاله: من الضامن لسلامة و أمن لبنان إذا سلّم حزب الله سلاحه و بصفة خاصة أمام ضعف الدولة و الجيش اللبنانيين؟ أضفت: الدولة اللبنانية. فإذا ما قارنا بين لبنان اليوم و تونس قبل و بعيد الاستقلال للاحظنا التشابه الكبير. ففي تونس، كان لدينا فريق انتهج سيلسة الحوار مع فرنسا و هو فريق الحبيب بورقيبة عموما و الذي تبنّى سياسة المراحل، مثله مثل فريق السلطة 14 آذار بلبنان اليوم، و كان لنا الفلاّقة و هم التونسيون الذين استعملوا العنف ضد المستعمر الفرنسي و قاوموه بالقوة و السلاح على غرار حزب الله. و لكن مع استقلال تونس، عادت السلطة المركزية للدولة، فلاسلاح إلا سلاح الجيشو لا وجود لتنظيم مسلح إلا لقوات الأمن و الجيش بالرغم من أن بنزرت ظلت مدينة محتلة و بالرغم من أن الجيش التونسي كان يفتقر للعتاد و للتجربة، تماما مثل لبنان، فإسرائيل انسحبت من الجنوب المحتل، و سوريا خرجت، و لكن بقيت مزارع شبعا المحتلة تماما مثل بنزرت، و الجيش اللبناني يفتقر للمعدات تماما مثل تونس في وقت من الأوقات، و لكن الدولة التونسية هي التي قاومت المحتل في بنزرت بعد أن جمعت سلاح الفلاّقة و حلّت الأحباس و ألغت العروشية، إذا الضامن هو الدولة و السلطة و لا يمكن ترك الأمور كما هي

بالعودة لغزة، يؤلمني حال الأشقاء هناك، و عندما أقول يؤلمني، ليس بداع العاطفة، بل لأنه لدي العشرات من الأصدقاء الذين يقطنون غزة و الذين أعلم جيدا مدى الخطورة التي يعيشونها، و لكن العقل في بعض الأحيان قد يفرض علينا أمورا لا تقبلها العاطفة. حماس أخطات و عليها دفع الفاتورة مهما كان الثمن