lundi, janvier 07, 2008

بناظير بوتو في تاكسي أبوظبي


سائق باكستاني يرى أن بناظير بوتو أخطأت وأنها حُرمة كان يجب عليها أن تظل في البيت.

ميدل ايست اونلاين بقلم: أحمد فضل شبلول

عندما سألت السائق الباكستاني في أبوظبي عن رأيه في حادثة مقتل بناظير بوتو (وبناظير اسم يعني المرأة التي ليس لها نظير)، أخبرني أنه غير راض عن عملية القتل والتصفية الجسدية للخصوم السياسيين، ولكنه أدهشني عندما قال "ولكنها حرمة، وكان يجب عليها أن تظل في البيت."

فقلت له: إنها رئيسة وزراء سابقة مرتين، وأبوها كان رئيس باكستان من قبل، وليس هناك ما يمنع من إعادة ترشيحها عن طريق حزبها، والشعب عندكم يقول كلمته.

فأدهشني ثانية بقوله "إن هذه هو الخطأ بعينه، وأنها تمادت في هذا الخطأ."
قلت له: لم أفهم.

قال: الخطأ الأول أنها كانت رئيسة وزراء سابقة، وهذه حرمة يجب أن تظل في البيت تربي الأولاد فهذا هو عملها الأساسي.

أدركت ما يرمي إليه السائق بعدم جواز عمل المرأة من وجهة نظره، وأنه من هذا الفريق الذي ينكر على المرأة خروجها للعمل والتحامها بالحياة سواء الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية.

فقلت له: الدنيا اتغيرت، وخروج المرأة للعمل شئ طبيعي، وهناك أعمال كثيرة تنجح فيها المرأة.
أجاب: إلا السياسة هذا حرام في الإسلام. وأضاف ممكن حرمة تكون طبيبة أو تكون مدرِّسة للبنات، ممكن حرمة تكتب على الكمبيوتر، لكن ما في حرمة تعمل بالسياسة.

قلت له: لا يوجد ما يحرم عمل المرأة بالسياسة في الإسلام، وسألته عن نص تشريعي يحرم ذلك على المرأة.
ولكنه ظل على موقفه أن هذا حرام، وغير مقبول، ولكنه لم يأت بأي نصٍّ من آيات قرآنية، أو أحاديث نبوية شريفة، أو من أي فقه لفقهاء الإسلام، وخاصة الفقهاء الأربعة.

فقلت له: قد يكون غير مقبول لديكم أن تعمل المرأة بالسياسية، مع أنها عملت بالسياسة فعلا من قبل، ولكن لا تقل إنه حرام، فليس كل ما هو غير مقبول يعد حراما شرعا.

وأدركت أنني لن أصل إلى نقطة تفاهم أو إقناع للسائق الباكستاني، فآثرت السكوت.

***

خرجت من مبنى الجمعية التعاونية بأبوظبي الموجودة في أبوظبي مول، بعد جولة مشتروات خفيفة بالكريدت كارد بالمول والجمعية، لأجد طابورا من البشر واقفين في انتظار شئ ما، وعندما لمحت تاكسيا أشرت له، فوقف، وظننت أنه وقف لي، فأخذت أتخطى الواقفين للعبور إلى التاكسي، ولكن أفهمني أحد الواقفين أنه يجب أخذ دوري في انتظار التاكسي، وأن كل الواقفين في الطابور ينتظرون دورهم، وأشار إلي في أدب جم بالعودة إلى مكاني.

وبالفعل وجدت أن أول الواقفين بالطابور هو الذي ركب التاكسي الذي أشرت إليه، فتوقف ولكن ليس لي. وبعد وقت قليل تحرك الطابور سريعا لظهور أكثر من سيارة تاكسي وقفت في طابور هي الأخرى لأخذ الركاب.

هذا المنظر قد يبدو مألوفا إذا كان الانتظار لمواصلة عامة (أتوبيس نقل عام، مثلا أو قطار أو مترو أنفاق) أما بالنسبة لسيارة تاكسي (أجرة) فقد تعودنا، سواء في مصر أو في بلاد أخرى كثيرة زرتها، ألا يوجد مثل هذه الطوابير، فنحن نشاور للتاكسي وسرعان ما يقف، فيركب الزبون ويمضي إلى حال سبيله.

هنا في أبوظبي رصدت أمرا مختلفا، ولكنه أعجبني للغاية لأنه يدل على التنظيم والترتيب وحسن السلوك أو الأداء العام من العرب والأجانب، والتزام سيارات الأجرة به، فقبل لحظات كنت في آخر الطابور، و(ما بين غفوة عين وانتباهتها ** يبدِّل الله من حالٍ إلى حالِ) ثم صرت بعد لحظات في أول الطابور، وعندما نظرت ورائي رأيت الطابور طويلا ولكنه يتحرك بسرعة كبيرة، لكثرة عدد التاكسيات، ولأن هناك عائلات أو مجموعة أشخاص أصدقاء أو أقرباء يركبون معا سيارة أجرة واحدة، مما يؤدي إلى سرعة دوران الطابور.
وهناك جنسيات عدة تعمل في مهنة قيادة سيارات الأجرة، مثلها مثل معظم الأعمال في مدينة كبيرة وعاصمة دولة لها تراثها وثقافتها وحضورها المتميز في المشهد العربي والعالمي الآن هي دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومن حظي أن يكون سائق التاكسي الذي ركبت معه هذا الباكستاني الذي تحدثت عنه في السطور السابقة، ويعمل في أبوظبي منذ 13 عاما على نفس المهنة، ولكنه غير منقطع عما يحدث في بلده، وله رأيه ووجهة نظره التي أحترمها، وإن كنت لا أتفق معها، وخاصة بالنسبة للمرأة (أو الحُرمة كما يطلق عليها) وكان مصرع بناظير بوتو على هذا النحو الغاشم، هو مدار حديثي معه.

وقد عرفت من السائق أن بوتو أثناء وجودها في منفاها في دبي كان لديها العديد من المشاريع، ومنها مشاريع التريللات أو الشاحنات التي كانت تمتلك عددا وفيرا منها، وتدر عليها ثروة جيدة، وأن هذا شئ جيد لها، فلماذا تريد أن تعود إلى الحكم في باكستان؟
أخذ السائق يطرح أسئلته علي، فقلت له إن كل إنسان متغرب عن وطنه لابد أن يعود يوما إليه، ويعمل في العمل المحبب له.
نظر لي السائق نظرة جانبية، قائلا: مظبوط دكتور.

وأردت أن أقول له إنه قضى 13 عاما في أبوظبي وأنه سيعود حتما في يوم ما إلى وطنه، ويعمل في المجال الذي يحبه، مثلما أرادت بوتو العودة إلى وطنها، والدخول ثانية في معترك الحياة السياسية، ولكن نظرت إلى الشارع فوجدت أنني على وشك الوصول إلى مبنى الفندق الذي أقيم فيه في أبوظبي.

أحمد فضل شبلول ـ أبوظبي