لن أنسى أبدا أيام الحرب الأهلية اللبنانية و كيف كنت منذ نعومة أظافري أتابع الأوضاع مع جدي، و هو رجل عسكري. فكنت أتابع معه أخبار لبنان و حربها و الصور المريعة للضحايا و آلام اللبنانيين و مأساتهم. و من بين الأشياء التي لن و لا أنساها هي تنقلات الجنرال عون بين الأحياء و لباسه العسكري و عينيه الخبيثتين. كلمة للحق تقال، نعم لقد كرهت الرجل منذ أواخر الثمانينات. لن أنساه و هو يتسلم مقاليد الحكم من الرئيس الجميل سنة 1988 بطريقة مخالفة للدستور و الميثاق الوطني، كما لن أنسى أبدا موقفه المخجل من اتفاق الطائف و كيف عمل على إفشاله بكل السبل. و لعل من أهم الصور التي لن تفارقني، هي عندما كانت القوات السورية تحاصره و تطارده فلجأ إلى سفارة فرنسا ببيروت و لن أنسى عندما نقلته مروحية فرنسية إلى إحدى البوارج الحربية التابعة للبحرية الفرنسية و منها إلى بارئيس.
لطالما، بل و مازلت، أعتبر الرجل من أهل النفاق و الشقاق، و من بين الأدلة الحديثة مطالبته بالتفاهم مع قوى الأكثرية حول تسمية قائد للجيش و التفاهم على تركيبة الحكومة و توزيع الحقائب الوزارية و توزيع أهم المناصب و الوظائف الأمنية و المخابراتية قبل أن يقبل الجنرال بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان. بالتالي فإن الجنرال يريد فرش "السجاد" قبل بناء المنزل. كل ما يطلبه الجنرال هو دستوريا من حق الرئيس و الحكومة ، بالتالي لا بد من وصول العماد سليمان إلى بعبدا قبل النظر في هذه الأمور..تلك هي الأصول الدستورية و القانونية أيها الجنرال..على كل لا يمكننا أن نلوم عسكري على جهله للدستور و القانون و لكن نلومه لإعلاء مصلحته الشخصية على مصلحة شعب كامل حتى أنه لا يرى أهلا للرئاسة سواه. لماذا، هل فرغ بلاد الأرز من الكفاءات؟
زيادة على ذلك، يتحدث الجنرال عن قانون الانتخاب و يقول، منذ زمن، أن القانون الانتخابي اللبناني يجب مراجعته لأن عيوبه كثيرة. و الآن هو يطالب بوضع قانون جديد قبل انتخاب الرئيس و يعزز موقفه قائلا أن القانون الحالي عزز و يعزز موقف قوى 14 آذار. عجيب؟ إن قوى 14 آذار و منذ سنين و منذ أن كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري على قيد الحياة و هي تطالب بتغيير القانون الانتخابي إلا أن القوى الموالية لسوريا مثل حركة أمل و حزب الله هم الذين رفضوا تغييره و يبدو أن الجنرال نسي أنه يحظى بتكتل كبير و قوي داخل المجلس النيابي بفضل القانون الذي يرفضه
لدي مبدئي في الحياة و هو عدم الشعور بالندم على شيء اقترفته لأنني مؤمن أن الندم لا ينفع و لكنني اليوم أشعر بالندم لأنني من بين الذين صفقوا للجنرال عند عودته لبيروت..تلك العودة كانت خطأ فادحا