lundi, juin 02, 2008

أين المغرب العربي من الاتحاد الأوروبي، مجلس التعاون الخليجي و الإتحاد من أجل المتوسط؟ اتحاد يتبخّر مع أوّل مباراة كرة قدم



آسف لأنني تأخرّت عن المشاركة و لكنني مررت في نهاية الأسبوع بوعكة صحيّة عابرة. المهم العبرة ليست بالتاريخ ولكن العبرة في أن نستطيع أن نغير شيئا من واقعنا المؤلم

صحيح أنني ضدّ كل وحدة تذوب فيها الهوية الوطنية، و لكنني مع ما أسمّيه: الوحدة الضرورية القصوى. أي أن يكون هناك اتحاد على مستوى الكلمة، الرأي، القرارات، أن يتم إلغاء الحدود و فتح المعابر و الموانئ أمام مواطني الاتحاد بحيث يتم العبور دون حاجة للفيزا أو جواز السفر، أن تترك حرية نقل رؤوس الأموال و الاستثمار بين دول الاتحاد دون قيود أو شروط، أن يسمح لمواطني الاتحاد بالعمل و مزاولة الأنشطة التجارية و البنكية في دول الاتحاد دون ترخيص مسبق و لا أن يتوقف التعاون على المستوى العسكري أو الأمني فقط.

صحيح أنه من الجيد و الممتاز أن نعبّر جميعا على رغبتنا في الوحدة سواء كانت مغاربية أو عربية، و لكن يجب علينا أن نكون واقعيين في طلباتنا لا أن تحركنا العواطف و الغرائز.

فمجلس التعاون الخليجي بعث بين دول متجانسة و متفاربة ماليا و تاريخيا، أي تماما مثل حال اتحاد المغرب العربي، و لكنها لم تجد صعوبة في اتحادها نظرا للتقارب الكبير فيما بينها. و هو ليس حال دول اتحاد المغرب العربي أو بقية الدول العربية. ليس بمقدورنا أن نحقق الاتحاد فيما بيننا في حين أن اقتصاد الدول المعنية يختلف من دولة إلى أخرى و هو ما يجعل الاندماج صعبا. فالاتحاد الأوروبي الذي يضرب به المثل في التوحد، جاء بعد دراسات اقتصادية طويلة و سياسيات مالية كانت صعبة التطبيق في عدد كبير من الدول و لكنها نجحت في تخطي ذلك. فقبل كل اتحاد، يؤخذ بعين الاعتبار نسبة التضخم و نسبة الفقر و نسبة البطالة و مطالب سوق الشغل و المشاكل الأمنية و القدرة التناقسية و نظام التعليم المتبع و مدى جودته و قطاع الخدمات و مدى تطوره و أهمية البنية التحتية و المديونية و المشاكل الخارجية و العلاقات البينية داخل الاتحاد و أنظمة الحكم و أسعار الفائدة و الأنظمة المالية و البنكية و مدى حجم الاستثمارات الأجنبية و مدى حجم الاستثمارات المستقبلية و السياسات الصحية و غيرها. كل هذه النقاط يجب أن تؤخذ في الحسبان و يجب أن تدرس و يجب أن يتم وضع المعايير التي على كل دولة أن تتبعها و تصل إليها تماما مثلما تم الأمر بالاتحاد الأوروبي الذي كان تدريجيا من منطقة اقتصادية إلى اتحاد يضم 27 دولة. أما أن يتم الاتحاد دون دراسة استراتيجية تهم كل النقاط التي سبق و تعرّضت لها، فإن الاتحاد سيكون بمثل عربة قطار سريع تجر عربات ترجع لحقبة الثورة الصناعية و يمكنكم عندها أن تستنجوا النتائج.

في الاتحاد قوّة...و اتحاد المغرب العربي يمثل سوقا استهلاكية واعدة، كما أنه مع عودة ليبيا إلى المنتدى الأممي ، أصبحت دول المغرب العربي تشهد حضائر عمل تنموي كبيرة بفضل ضخّ الأموال الخليجية فيها، إضافة إلى ارتفاع سعر برميل البترول الذي يعود بالفائدة على ليبيا و الجزائر ووجود بحر من الماء تحت موريطانيا. كل هذا يتطلب وضع استراتيجية تعود بالنفع على كامل المنطقة

و لكن، يجب أن لا ننسى المشاكل السياسية بين دول المنطقة و بصفة خاصة التوتر بين الجزائر و الرباط فيما يتعلق بالصحراء الغربية. هذا المشكل ولّد توترا و انقساما بين دول المغرب العربي و أصبح يهدد تطور الاتحاد و رؤيته للنور. فقبل أن ننادي بوحدة المغرب العربي، علينا أن نرسم أهدافا و معايير اقتصادية و اجتماعية و سياسية و سقفا على جميع الدول الوصول إليه حتى يصبح الجميع في نفس المرتبة التي تسمح للاندماج فيما بينهم أن يكون سهلا و سلسا لا أن تنقطع السلسلة و تنفلت الأمور. كما أنه على الأطراف أن يحاولوا البحث في المشاكل الخلافية و التوصل إلى حل و معالجة الأسباب الخلافية بما يضمن انطلاق الاتحاد، أما إذا أردنا اتحادا من أجل اتحاد الشعوب، فأعتقد أن اتحاد الشعوب موجود أصلا و هو اتحاد تقوده العاطفة و سرعانما يتبخّر مع أوّل لقاء كرة قدم يجمع بين فريقي دولتين من دول الاتحاد و هي رغبة أيضا لا تقودها الدراسات الاسراتيجية أو الاقتصادية

نقطة أخيرة. يجب أن ندرس أيضا واقع الاتحاد في منطقة تكثر فيها الصراعات و التكتلات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي و الإتحاد من أجل المتوسط و مجلس التعاون الخليجي و تجمع دول الساحل و الصحراء و تجمع 5 زائد 5 و غيره من الاتحادات التي في نفس الوقت تعد دول المغرب العربي أو جزء منها منخرط في عدد من هذه التجمعات

الرغبة موجودة، و لكن المسيرة تتطلب مزيدا من الوقت و الدراسة و الجهد. يجب أن لا نكون آنيين، بل استراتيجيين و أن نضع الخطط من أجل المستقبل و من أجل الأجيال القادمة ففي العجلة الندامة و في التأنّي السلامة