الخلافات ليست بالشيء المستغرب. بل إنني أعتبرها عين الصواب فهي دليل على الاختلاف و على التفكير و فيها ثراء للمجموعة من خلال طرح أفكار متعدّدة و متنوّعة. و لكنني ضدّ استعمال الكلام الجارح أو السبّ و الشتم أو التقزيم و التخوين بسبب آراء شخص ما. قد يرى البعض أنني أدافع عن نفسي و لكن أيضا أدافع على عدد كبير من المدوّنيين الذين يتعرضّون لأشكال عدّة من المضايقات بسبب آرائهم و كتاباتهم. اليوم تونس في أمس الحاجة إلى أبنائها حفاظا على وحدتها. نعم وحدتها. فهنالك أشخاص يحاولون استغلال الفرص من أجل بث سمومهم في المجتمع و إلاّ فما معنى العودة إلى الحديث عن الجهوياّت و الفئات في مثل هذا الوقت؟ نحن جميعا تونسيين سواء كنا من تونس العاصمة أو قفصة، من قابس أو من جندوبة.. إلخ
لقد درسنا بالجامعات و كوّننا الصداقات من مختلف الولايات و من غير تامعقول أن نتحدّث عن الجهويّات. دون ذكر للزواج من ولايات و مناطق مختلفة أصبح معها ينعدم الحديث عن أي جهة أو فئة. و لكن أهم من ذلك هو هذا الصراع بين عدد من المدونين على مسائل دينية أو وجودية مثل الله و الأنبياء و غيرهم. هذا الصراع تحوّل إلى تراشق و تحالفات و إلى كرّ و فرّ. صحيح أنه يثري الحوارات و يقدّم معلومات و حجج مختلفة و لكن ألا تعتقدون أنه مع ما تعيشه بلادنا من أحداث خاصة بقفصة يحتّم علينا أن نتوحّد و أن نعلي كلمتنا و أن نكون مجموعة ضغط خاصة و أن عددا من مدوّنات أصدقائنا تعرّضت للحجب و للقرصنة؟ أم هل أن أحداث قفصة الأخيرة ستكون مثل سبيقاتها، مجرّد سحابة صيف عابرة سرعانما ننساها و ننسى من ضحى في سبيلها؟ أم هل أن مقالتنا تحوّلت إلى مجرّد أرقام على عدد الوالجين إلى مدوّناتنا أو عدد الذين تركوا تعليقات أو عدد الذين صوّتوا للمقالات؟ ألا يعتبر هذا متاجرة بأرواح أشخاص لقوا حتفهم في الأحداث الأخيرة و كنتم من أوّل المدافعين عنهم؟
إنني أتطلّع إلى اليوم الذي تصبح فيه تن بلوغ جمعيّة تضمّ جميع المدوّنيين حتى تكون ناطقا رسميا بالختلاف في الرأي و بالحريّة و حقوق الانسان و الديمقراطية و تصبح وسيلة ضغط علّنا ننقذ ما يمكن إنقاذه و علّنا نحدث ذلك الفرق البسيط حتى نبقي على وحدتنا و على أمننا و استقرارنا دون المساس بالحقوق المدنية و السياسية للمواطنين و لكم سديد النظر.