في البداية كنت أتابع ما يحدث في ت.ن. بلوغز و لم أكن أريد التدخل و لكن قرار بعض المدوّنين الانسحاب من عالم التدوين أو الانسحاب من تن بلوغز و رؤيتي لمدى الانحطاط الذي بلغه الجدال الديني بين عدد من المدوّنين و كيف تطوّر من مجرّد طرح لأفكار معيّنة إلى تراشق و تبادل للشتائم و الرسائل الملغّمة و بعث للتحالفات و تحويل الوجهة الحقيقية و الرئيسية و ابتعاد عن المواضيع المطروحة على المستوى الوطني و العالمي. حركة الكتابة عن قفصة و أحداثها تراجعت مع عودة الهدوء و لكن هل هكذا يجب أن ينتهي الأمر؟ أهكذا نكرّم الشهداء الذين بكيتموهم؟ نعم أنتم بكيتموهم أم هل أنكم نسيتم حجم الردود التي تلقّيتها عقب كتابتي لذلك المقال عن الراحل هشام و عن الستار نادر؟ أهكذا نتنازل عن مطالبنا بالحرية و الديمقراطية؟ أهكذا ننسحب انسحاب الجبناء متنازلين عن مبادئنا و عن ما آمنّا به؟ من سيحمل الشعلة؟ من سيحافظ على المستوى و على ما وصلنا له؟ لماذا تكتبون اليوم عن الذين يشتمون آبائكم؟ أين كنتم عندما شتموا و شتم البعض منكم والدي و والدتي؟ هل هي ظاهرة جديدة؟ هل هذا الانحطاط يستحق فعلا أن ننسحب بسببه من تن بلوغ؟ لا أعتقد ذلك. إنه هروب إلى الأمام. إنه نوع من الهروب الذي لن ينفع أحدا بل سيزيد الطين بلّة و سيترك المجال لمدوّنين لا مستوى لهم يصولون و يجولون. أتريد الحقيقة؟ لقد نال منكم عمّار و من يقف خلفه...لقد استطاعو الوصول إليكم. لقد استطاعو الوصول إليكم هذه المرّة و بطريقة ذكيّة. ليس بحجب المدوّنات هذه المرة، بل بجعل عدد من الدوّنين الفاعلين يجبرون على المغادرة بسبب تعاليق فارغة و مبهمة مثل كاتبها. ما هو المشكل إذا سبّك أحدهم؟ أو شتم والديك؟ ما دمت أنت متأكد من شخصك و من عائلتك فالتضرب بالتعاليق أو المقالات عرض الحائط و لا تعرها انتباها.
الانسحاب ليس حلاّ بقدر ما هو هروب. إن الحريّة التي ندافع عنها جميعا و نريد الحصول عليها، إنما هي تفتك و لا تعطى و بالتالي لا يجب العدول عن مبادئنا و رسالاتنا بسبب مشاكل لا تعدو أن تكون ظرفية. إن الانسحاب في مثل هذه الظروف يصبح بمثابة الحركة الجبانة التي تدل على أن قوى الشر تغلّبت على قوى الخير. أين الإصرار؟ شعبنا صمد 75 عاما حتى نال الاستقلال مع كلّ ما عرفه من انتهاك لحرماته و حريّاته و أنتم اليوم، بسبب عدد ضئيل من الأشخاص الذين لا أخلاق لهم و لا تحضّر، تقرّرون الانسحاب؟ هل يجدر بنا أن نقول إذا على الدنيا سلام؟