يعيش لبنان و اللبنانيون جميعا في الداخل و الخارج فترة زمنية صعبة ستحدد مستقبل البلد و مصيره. هذا المستقبل و المصير الأسود منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري و دخول البلد في متاهات داخلية بتشجيع دولي سواء من سوريا و إيران الحليفين المعلنين للمعارضة أو الغرب و في مقدمته فرنسا و الولايات المتحدة الحليفين المعلنين لقوى السلطة. و لكن نظرة إلى الوضع بقطع النظر عن الفريقين تبين أن الوضع اللبناني يحتاج إلى هيكلة جديدة. ذلك أن ما يسمى بالديمقراطية التوافقية كذبة كبيرة يعيشها لبنان. فالديمقراطية تعني دائما أغلبية حاكمة و أقلية معارضة. و في صورة حصول الأغلبية على الأغلبية المطلقة كما هو الحال في لبنان فإنه يحق لذلك الفريق أن يحكم البلد و على البقية التحول إلى المعارضة و لعب دورها الأساسي. و في حال أن الفريق الحاكم حصل على أغلبية دون المطلقة، فله عندها الدخول في مفاوضات مع بقية الكتل لإقامة حكومة ائتلافية لضمان الأغلبية و تبقى البقية معارضة. أما أن يكون الأمر كما هو في لبنان حيث أن الأغلبية تشكل الحكومة على أن تضم وزراء يمثلون مختلف التيارات السياسية و الطائفية و يكونون من المعارضة، فإن هذا يلغي مفهوم الأغلبية و المعارضة و يجعل الجميع في الحكم و يتسبب في تعطيل دواليب الدولة و مؤسساتها الدستورية كما هو الحال في لبنان. إذا، لا بد من إعادة رسم الخارطة السياسية و الديمقراطية في لبنان و يكون ذلك ببعث أحزاب لا تقوم على أسس دينية أو عرقية أو طائفية، كما أنه لا بد من أن تقوم الأحزاب على أساس وطني و إلا فكيف نصف وجود حزب لبناني يحمل تسمية الحزب السوري القومي الاجتماعي؟ إن الانتماء لا يكون إلا للوطن..و لا سيادة إلا لسيادة الوطن في ظل وحدته الترابية و سلطة الدولة على كامل التراب الوطني و إلا فأن أي مظهر من مظاهر وجود قوى موازية و لها استقلاليتها و سيادتها و سياستها الخاصة فإن ذلك يعتبر انقلابا. اليوم و بعد سنة 2000 و خروج الاحتلال الاسرائيلي من الجنوب اللبناني انتهت مهمة المقاومة اللبنانية و على حزب الله تسليم سلاحه أو الانخراط بالجيش الوطني اللبناني. أما قضية مزارع شبعا فإن على سوريا تقديم الوثائق التي تدل على لبنانية المزارع و أن توقف تعنتها و عليها أن تقبل بترسيم الحدود مع لبنان و أن لا تربط تحرير مزارع شبعا و ترسيم الحدود بمسألة خروج الاحتلال من الجولان لأن ذلك شأن سوري. كما أم مقولة أن السوريين يرفضون التواجد على نفس الأرض مع تواجد الاسرائليين خلال ترسيم الحدود مع لبنان و اسرائيل خاصة بمنطقة مزارع شبعا فإن ذلك الأمر مردود على السوريين أنفسهم و الذين سبق لهم التعامل مع الاسرائليين و مقتبلتهم خلال المفاوضات في جنيف و واشنطن و مدريد و بالتالي فإنه من الواضح أن سوريا تريد ربط مصير لبنان بمصيرها معفدة الأمور و مقوية طرف لبنانيا على الآخرين حتى تضل ممسكة بخيوط اللعبة القذرة التي تلعبها..كما أن سوريا ما فتأت تخالف قواعدها المعروفة و المعلومة و المتعلقة بالقومية العربية. أين تلك القومية العربية عندما يتعلق الأمر بلبنان و سيادته؟ لماذا تعتبر سوريا أن الوقت لم يحن بعد لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع لبنان؟ أليس ذلك مخالف لمبادئ القومية العربية و العمل المشترك؟ أم هل أن سوريا ماتزال متمسكة بلبنان كقطعة أرض سورية و جزء لا يتجزأ من مشروع الشام الكبرى؟
لم يبقى على الاستحقاق الرئاسي اللبناني سوى أيام معدودات، و الحل لايزال بعيدا و غامضا والأسوء قد يحصل و لا حل اليوم في لبنان سوى إعلان حالة الطوارئ و إدخال الجنرال عون إلى مصح عقلي لأن الرجل فقد صوابه و أصبح يعتبر نفسه الرئيس الشرعي للبنان لأنه يرى أنه حصل على ثقة غالبية المسيحيين و لكنه نسي أو هو تناسى أن منصب الرئاسة هو منصب كل اللبنانيين و كل الطوائف اللبنانية و أنه لم يكن يوما شخصية توافقية و أن اللبنانيين لا يرغبون فيه. لقد حان الوقت لدخول وجوه سياسية جديدة لا علاقة لهل بالماضي الدامي و بالحرب الأهلية حتى تحصل على ثقة اللبنانيين و أملهم في مستقبل مشرق. أما السيد حسن نصرالله فلابد وضعه و مختلف قيادات حزب الله قيد الاقامة الجبرية و إلا فإنهم لن يخسروا شيئا بالنزول إلى الشارع بالقوة..أوليسوا هم القائلون أن الأولوية هي محارية العدو و ليس للبناء و التشييد؟ أوليسوا هم الذين جروا البلد إلى حرب أتت على الأخضر و اليابس؟