طوني حدشيتي
ثلاثة أشهر تفصلنا عن الانتخابات النيابية التي ستحدد السلطة الحاكمة والمعارضة للسنوات الاربع القادمة
هذه الفترة الجديدة من عمر لبنان ما زالت ضبابية اللون والمصير: فبين المحكمة الدولية من جهة، ومشكلة سلاح حزب الله وارتباطه بالخارج من جهة اخرى، ومُعضلة السلام في المنطقة، وغيرها من المسائل الاقليمية والدولية التي تتفاعل في الداخل وتؤثر عليه، ضاعت معالم المرحلة المقبلة وتاهت تقاسيمها
وبناء على التغييرات الحاصلة في مواقف بعض القوى السياسية اللبنانية واداء مختلف اطيافها، يبدو من الواضح ان نتائج الانتخابات باتت معروفة منذ الآن، وهي بالتأكيد ستصبّ لمصلحة فريق 14 اذار، بعد كل الممارسات والسلوك السياسي والنجاحات والاخفاقات التي رصدها اللبنانيون في السنوات الاخيرة لدى فريقي الاكثرية والمعارضة. الامر الذي يسعى الفريق المعارِض الى افشاله
في هذا السياق، شهدت البلاد مؤخراّ موجة من الاحداث الامنية والتجاوزات التي تنال من هيبة الدولة وحضورها وسلطتها على كافة الاراضي اللبنانية. وفي خضم هذه الاحداث جاء الرد سريعاً عقب انتهاء مراسم الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري عبر قتل الشهيدين لطفي زين الدين وخالد الطيعمي واللذين قصدا مع الحشد المليوني ساحة الحرية للمرّة الرابعة ليقولوا نعم للمحكمة الدولية، نعم للدولة، والف نعم لمشروع 14 آذار
!!!
المحكمة الدولية التي انطلقت ولن تتوقف ستضع حداّ للاغتيال السياسي في لبنان، وستقتص من المجرمين فينالوا جزاءهم… المحكمة الدولية التي ستأخد حقّ بشير الجميل وكمال جنبلاط وداني شمعون ورينيه معوض ورمزي عيراني والمفتي حسن خالد ورفيق الحريري وشهداء ثورة الارز. انها المحكمة التي ستعيد الحياة في لبنان الى مسارها الطبيعي، كما في باقي الدول حيث تمارس السياسة من دون اراقة الدماء، ويكون التعبير عن الرأي بحرية وامان… سنتوقف عن تكرار المقولة التي ورثناها عن اجدادنا “اللي قتلوه راحت عليه… ودفنوا جريمتو معو
”.
ومع اقتراب استحقاقين كبيرين بحجم القرار الظنّي في قضية اغتيال الحريري والانتخابات النيابية، بدأت تتوسّع شيئاً فشيئاً أعمال التخريب وتنتشر على مساحة الوطن كلّه بغية شلّ الحركة وايقاف عجلة الحياة، وبالتالي عرقلة الاستحقاقات. فبعد القاء القنابل عل مراكز للقوات والكتائب كما في الطيونة والجناح، واحراق مقهى لمناصر للأكثرية النيابية في صيدا، استمر مسلسل اطلاق الصواريخ “المجهولة” من الجنوب على اسرائيل، للمرة الثالثة خلال أقل من شهرين، كدليل قاطع على اصرار بعض الاطراف على زعزعة الاستقرار في البلد
ولكن… ما الدافع وراء كل ذلك ؟
هل لأنهم أدركوا فشل مخططاتهم وخياراتهم؟ أو لأن بعضهم سيُطلب للأمتثال امام المحكمة الدولية في لاهاي؟ أم لأنهم لن يستعيدوا الاكثرية النيابية وهذه المرة لن يتمكنوا من التشكيك بالاكثرية الجديدة ولن يعود بامكانهم تسيير البلد وفق أهوائهم ومخططاتهم المرسومة من جديد؟
!!
كلّ ذلك يبقى ضمن التحليل والافتراض.. ولَكَم تبقى الاماني بان تخيب امنيات الفريق الاخر، وعسى ان يدرك هذا الفريق اخطاءه بحق الوطن ويعود عنها. لكنّ الايام قادمة والاحداث والاستحقاقات هي التي ستكون لها الكلمة الاخيرة
(مقال تحليلي منشور في العدد رقم 34 – آذار 2009 من نشرة “آفاق الشباب” او اوريزون، الصادرة عن الدائرة الاعلامية لمصلحة طلاب القوات اللبنانية