dimanche, mars 22, 2009

إلى ولاّدة: كـم انتم بارعون في قلب الحقائق و تشويهها

عزيزتي ولاّدة، يبدو لي أنه و خلال الـ 24 ساعة الماضية قد أضعت فرصة الاستمتاع بمدوّنتك الموجهة إلى شخصي الكريم. و لكنني لم و لن أتأخر بالردّ على رسالتك العزيزة إلى قلبي و ما تضمنته من معاني و كلمات لا تمت للحقيقة
بصلة

اسمحي لي أن أطلب منك أن تعيدي قراءة ما كتبته لأن تحليلك لمدونتي لم يكن بمنطقي بحيث أنك لم تفقهي أبدا الرسالة التي أردت إيصالها إلى الجميع، بل عمدت إلى قلب الحقائق و تشويهها

و إلى اليوم، لا أزال على رأيي بخصوص ضعف الاحتفال بعيد الاستقلال على مستوى تن-بلوغز. و هذا موقف لن أحيد عنه



"يستاء صاحب مدوّنة ديانا مقازين من استهتار المدوّنين بذكرى الاستقلال و تقزيمهم لهذا الحدث المهمّ في تاريخ تونس و يقول أنّ الحقد يعمي قلوبهم . أقول لك سيّدي الكريم أنّك و كغيرك للأسف لا تقرأ إلاّ ما تريد أن تجد فيه ثغرة للتعليق و الانتقاد فمسألة تجاهل المدوّنين لذكرى الاستقلال غير صحيحة / فمدوّنة هناني كتبت و المدوّنة الجماعيّة " عبّر" نشرت على امتداد ثلاثة أيّام نصّين و قصيدة من أجل تونس / لكنّك لا ترى إلاّ ما تريد حتّى تجد الشّرعيّة كي تتكلّم باسم تونس و استقلال تونس و رموزه ."

هل تسميّن يا عزيزتي ولاّدة نشر نصيّن و قصيدة احتفالا بعيد الاستقلال؟؟؟؟ و أي احتفال هذا؟؟؟ هل تظنين أنني لم أقرأ لـ "عبّر" تينك النصيّن المتعلّقين بظاهرة "الحرقان" و الهجرة الغير شرعية نحو الضفة الشمالية للبحر المتوسط؟ أوليس هذا تقزيم و تصغير و تهميش للوطن و لذكرى الاستقلال؟؟؟ أو لم يضحي أجدادنا بدمائهم حتى ننعم بالاستقلال فنهديهم عشية الاستقلال مدوّنة نعلمهم من خلالها أن شباب هذا الوطن الذين ضحوا من أجله يريدون مغادرة ترابه المسقي دما

ثم ما الهدف من نشر مثل هذا الخبر؟؟؟ أجفّت الأقلام أم توقفت العقول؟؟؟

أم انك تقصدين المقال الثاني المتعلّق بالفلاّقة؟؟؟؟ و من منا أنكر يوما دور الفلاّقة في تحرير الوطن و في معاضدة الدبلوماسية خلال بحث الأزمة التونسية؟؟؟ لماذا نصوّر الفلاّقة و أنهم من المغضوب عليهم في حياتنا و تاريخنا في حين أنهم جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية بل و عدد كبير من الأحياء منهم منضوي تحت لواء الحزب ويشكلون مجلس كبار المقاومين و المناضلين فيه و تم إلحلقهم باللجنة المركزية للحزب. أوليس هذا عرفانا بما قدموه من تضحيات للوطن؟؟؟ أم هل أنه بسبب خروج عدد منهم عن الخط العام و مساندتهم للانقلاب على السلطة في وقت من الأوقات نعممه و نصوّره على أساس أنهم أصبحوا في عداد المغضوب عليهم؟؟؟ أو ليس هذا تشويه للحقائق؟؟؟؟؟

أم هي قصيدتك التي و بين سطورها صوّرت تونس و كأنها تلفظك و نبعدك عنها في حين أنك تريدين التقرب منها؟؟؟؟؟؟

هل تعتقدين حقا أنني لا أقرأ و لا أرى إلا ما أريد و أنني لا اتابع ما يكتب و ينشر بتن- بلوغز؟؟؟؟ لا يا عزيزتي...فأنت تخطئين كثيرا فحتى هناني قرأت لها و بالرغم من أنني أشاطرها الرأي و خصوصا أنها تحدثت إلى أحد المناضلين،و لكنني أعتب عليها أنها قزّمت من الحدث من خلال تصوير أن شبابنا لا يعلم عن المناسبة شيئا

قد يكون ذلك صحيح و لكن أن نعمم الأمر و نصوّره على أنه ظاهرة عامة فهذا هو المشين لأن عددا كبيرا من شبابنا يعلم جيدا ما يعنيه تاريخ 20 مارس بالنسبة لتونس و عدد من المدونين التونسيين أمثال "ولادبونليون" أو "أبناء الضاحية" و هم من الشباب تحدثوا و لو في مدونة قصيرة عن عيد الاستقلال و عيد الشباب و بيّنوا وعيا كبيرا بهما

كنت أفضل من هناني لو أنها تحدثت إلى الشيخ بإطناب عن طريقة النضال أو أن يروي لها واقعة معينة عوض البحث عن السياح و السائحات أو التحدث عن قلة وعي الشباب بأهمية الحدث

ثم لماذا لم تتحدثي عن هؤلاء المدونين الذين همشوا الذكرى و استغلوها للتنكيل بالوطن و إخراج المناسبة في صورة كاريكاتورية لا تليق بمناسبة مثل عيد الاستقلال أم أنّ لديك عمى ألوان يجعلك لا ترين الصورة بكامل ألوانها؟؟؟

قرأت تدوينتك و لم أطق عليها سكوتا لأنّ الأمر يتفاقم يوما بعد يوم و أقول لك سيّدي :

تقول " دعوا التغيير و التجمّع جانبا " ثمّ تقول " حزّ في نفسي أنّ التلفزة مرّت على ذكرى الاستقلال مرور الكرام " فأسألك أليس الإعلام بيد السّلطة ؟ ألم يكن حريّا بدولة التغيير أن تولي حدث الاستقلال ما يستحقّه من أهميّة حتّى يترسّخ في أذهان الشّباب الذي لم يعشه ؟

صحيح أنه حزّ و يحزّ في نفسي أن تمر ذكرى عيد الاستقلال مرور الكرام على مستوى الإعلام، مثلما حزّ و يحزّ في نفسي إلى يومنا هذا أن أسترجع ذكرى جنازة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، و لكن ألا يتحمل الاعلاميون أيضا جانبا من المسؤولية؟ أين صحفنا من عيد الاستقلال؟؟؟أو صحف المعارضة ؟؟؟؟ هل تعتقدين أن السلطة هي وراء ذلك؟؟؟ يعني، إذا غابت السلطة، حمّلناها مسؤولية تهميش الحدث. و إذا تدخّلت السلطة حملنها مسؤولية التدخل و الاستئثار بالحدث و الوطنية!!!!

فأي جانب نريد بالله عليك؟؟؟ و من قال أن السلطة همشت الحدث؟؟ ربما إعلاميا و لكن وطنيا و جهويا و محليا كانت هناك احتفالات مختلفة. فمناسبة عيد الاستقلال و الشباب هي من المناسبات التي لا يمكن بأي حال أن لاي قع الاحتفال بها و الاعداد لها مسبقا و منذ أشهر و ما عليك إلا أن تفتحي عينيك و أذنيك و أن تقرئي و تسمعي غير ما تريدين أنت فقط قراءته و سماعه


تتساءل أين المدوّنون من أساتذة التاريخ و الأدب؟ أتريد أن أسرد عليك عدد الصّفحات المخصّصة للحركة الوطنيّة في كتب التاريخ المدرسيّة و عدد الصّفحات المخصّصة للتغيير بالمقابل في كتب التاريخ و التربية المدنيّة ؟ أليست البرامج التعليميّة هي الأخرى بيد السّلطة ؟

عندما تسائلت عن المدونين من أساتذة تاريخ أدب، ذلك لأنني على يقين أنه يوجد بيننا اساتذة و جامعيين و أكاديميين و معلمين و حتى طلبة مختصين في التاريخ، فلماذا لم يقوموا بالتدوين خلال هذه المناسبة خاصة و انهم يملكون العديد من المعلومات التاريخية فيعملون على نشرها و تقاسمها مع البقية؟؟؟ هذا ما قصدته بكلامي

أما عن البرامج التعليمية: لماذا قلب الحقائق هذا؟ لماذا يقع تصوير الأمر و كأن برامجنا التعليمية في مادتي التاريخ و التربية المدنية لا تنصف تاريخ الحركة الوطنية مقارنة بالتغيير؟؟؟؟ هل أنا خريج المدرسة الأنغليكانية؟؟ ام هل أن إخوتي يدرسون بمدارس القمر؟؟؟!!!!!

البرامج التعليمية تتحدث و بإطناب عن الحركة الوطنية و تاريخها و عن الثورات التي شهدتها تونس و عن مصلحيها و أعلامها. و سواء شئنا أم أبينا، فإن تاريخ 7 نوفمبر 1987 هو جزء من تاريخ هذا البلد

و أعتقد أنه من الأفضل أن ننظر للوحة كاملة لا أن نختار جزء و نعمل على تضخيمه و تصويره و كأنه هو الواقع ونحسبه بعدد الصفحات

أتريدين حديث الأرقام و الصفحات؟ إليك هذا:
- في كتاب المواد الإجتماعية لتلاميذ السنة الثامنة من التعليم الأساسي (وهي السنة التي يدرس بها شقيق الأصغر)، بالنسبة للتاريخ، يقف إلى حين انتصاب الحماية بتونس و ردود الفعل الأولى تجاهها و أكيد أنك تعرفين أن التاريخ مجزأ حسب السنوات. و في نفس الكتاب، فيما يتعلّق بقسم التربية المدنية، لم يقع ذكر بيان 7 نوفمبر 1987 سوى مرة واحدة ، بالجزء الأيسر من الصفحة 273 أي مرة واحدة على 75 صفحة. بقية الصفحات خصصت لعديد الأمور التي تهم الحياة العامة و الحياة الدستورية و المشاركة و الحقوق و التضامن و منها أيضا تكوين الأحزاب السياسية و الجمعيات حيث تم نشر أسماء الأحزاب السياسية و تاريخ تأسيسها و شعاراتها و ألوانها و تم ذكرها على الأقل مرتيّن إضافة إلى مفهوم التعددية

- بالنسبة لبرنامج التاريخ لتلاميذ السنة الثالثة شعب علمية (وهي السنة التي درس بها شقيقي الأوسط السنة الماضية): هناك 82 صفحة مخصصة لتاريخ تونس الحديث و بصفة خاصة من العام 1920 إلى العام 1987 تم خلالها التطرق لتأسيس الحركة الوطنية قبل الحرب العالمية الثانية خاصة خلال العشرينات و الثلاثينات من القرن الماضي إلى حين تاريخ 1956 سنة الاستقلال و يعرّف البرنامج بعدد كبير من سياسيي تونس و أدبائها و مناضليها و مقاوميها و عملتهاو حتى تاريخ الفلاّقة و تأسيسها و دورها و عدد من رموز الفلاّقة و في القسم الأخير يتحدث البرنامج عن التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في تونس من 1956 إلى 1987 و لم يقع خلالها التعرّض لتحول السابع من نوفمبر بتاتا بل وقعت الإشارة إليه في الخاتمة دون تحليل أو إضافة

- شقيقتي نجحت في السنة الماضية في الباكالوريا آداب و في برنامجهم درسوا تغيير 7 نوفمبر و لكن في إطار ضيق جدا

هذه هي لغة الصفحات و الأرقام و البرامج التعليمية التي يحاول البعض التلاعب بها و تصوير أنها تهمش تاريخ البلاد و مناضليها و تأّله و تمجد 7 نوفمبر في حين أنه تصريح كاذب و مخادع الهدف منه تشويه الحقائق

الكتب المدرسية موجودة و ليس عليكم إلا الإطلاع عليها

ثمّ عن أيّ حقد تتحدّث ؟ من فينا الحاقد ؟ الذي ينعم بخيرات هذا البلد و يشتم أهله و لا يحرّكه موت شبابنا في عرض البحر ؟ أم الذي يُلقَى له الفتات و مازال يكدّ و يعمل في هذا البلد ؟

عندما تعمل فئة على تقزيم الوطن و تهميشه و تصغيره، فهي بالنسبة لي فئة حاقدة و غير وطنية.

من هذا الذي ينعم بخيرات وطنه و يشتم أبنائه في نفس الوقت؟؟؟؟ الكلام و رمي التهم و التراشق سهل و لكن هل لك بأدلة؟؟؟؟
من قال لك أن هذه الدولة لا تحرك ساكنا لأبنائها الذين تتقاذفهم أمواج البحر؟؟؟؟ من قال لك أن هذا البلد لم يهتم لأمر أبنائه الموجودين بمراكز الهجرة بلمبيدوزا؟؟؟؟ هل أخبرك أحد عن الدبلوماسية التونسية و المجهود الذي تقوم به من أجل حماية أبنائها بالخارج؟؟؟؟؟؟


إلى هذا الحدّ و كفى ، كفاك تقمّصا لدور المدافع و العاشق الولهان لتونس أكثر من غيرك فتونس ليست ملكا لأحد و استقلالها ليس من صنعك ، كلّنا نحبّ تونس و نفديها بأرواحنا و لكن أعتقد أنّ تونس ليست في حاجة إلى حبّنا بقدر ما هي في حاجة إلى صدق عزمنا و نقاء ضمائرنا و نظافة أيدينا .

لست بصدد التلاعب بتونس و لا أريد أن أظهر بمظهر الوطني العاشق الولهان، لأنني أصلا أنا وطني وعاشق ولهان بتونس و بالتالي ليس عليّ التظاهر أصلا بما أنا عليه حقيقة

استقلال تونس ليس من صنعي.....أكيد. فتونس استقلت قبل 24 سنة من ولادتي و لكن من واجبي وواجبك أن نحافظ على هذا الاستقلال الذي ساهمت فيه عائلتي مثلما أكيد ساهمت فيه عائلتك

و أن تكون تونس بحاجة إلى صدق ضمائرنا و عزمنا، أشدّ على ايديك هنا و لكن أين البقية؟؟؟؟

فرجاء رجاءً إنعموا بحاضركم و دعوا الشّهداء يرقدون بسلام

حاضر البلاد و مستقبلها مثلما هو الحال بالنسبة لماضيها، هو للجميع. فتونس للجميع. و ما من أحد يستحق له أن يحتكر التاريخ أو أن يستمتع بالحاضر أو يبني المستقبل من دون مشاركة الجميع

فلماذا كل هذا التحامل و التشويه للحقائق؟؟؟؟؟

ما لا أفهمه هو أن المدونين قاموا بنقد ضعف الاحتفال بعيد الاستقلال على المستوى الوطني، و قام البعض بنقد المناهج التعليمية و آخرون استغلوا الحدث من أجل تصويره تصويرا كاريكاتوريا و لكن ما من أحد تحدث عن عيد الاستقلال و معانيه و أهميته أو حتى حاول أحد منا تقديم بسطة تاريخية عن تاريخ الحركة الوطنية و المقاومة

يبدو لي أنك اعتقدت أنني بصدد تقديم دروس في الوطنية...لا و ألف لا...ليس من طبعي أن أقدم دروسا في الوطنية و سبق و أن أكدت أنه لا يحق لأي طرف أن يدعي أنه وطني أكثر من الآخر أو أن يقدم درسا في الوطنية للآخرين.

أنا قمت بنقد تصرف بعض المدونين الذين انتقدوا مستوى الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال و في نفس الوقت هم أنفسهم أساؤوا لعيد الاستقلال عوض أو يسدوا الفراغ و أن يبرزوا أهمية الحدث و تاريخ الحركة الوطنية و المقاومة و بناء الدولة و تحرير المرأة و تونسة الأمن و القضاء و بعث جيش وطني و صناعة تونسية و تحقيق الجلاء الزراعي و غيرها من النقاط

أتحداك تحديا مباشرا إن كان هناك مدون وحيد قد تحدث عن عيد الاستقلال بشيء من الإيجابية