mardi, mars 17, 2009

ردّا على من ردّوا عليّ: أفضلّ العيش بدون حقوق إنسان على أن يتاجر بحقوقي من يدّعي أنه يدافع عنها

لاحظت أنه خلال المدّة الأخيرة و بصفة خاصة قبيل و خلال زيارة القرضاوي المثيرة للجدل إلى تونس، تفاعلت الآراء و تعدّدت و في بعض الأحيان تضاربت حول ملفات عدّة تهم الشأن العام و الشأن السياسي في تونس. و هو تفاعل أعتقد أنه سيتطوّر خلال المدة القادمة خاصة و أننا على أبواب الانتخابات الرئاسية و التشريعية خلال شهر أكتوبر 2009 و الانتخابات البلدية خلال سنة 2010

لطاما آمنت بحق الاختلاف في الرأي و تعدّد الآراء ووجهات النظر، ذلك أنني مؤمن أن الاختلاف و الحق في التعبير عن الآراء بكل حرية ووضوح الرؤى و الشفافية في المعلومات و التحاور في كنف احترام الاختلاف، كل هذا يوفر السبيل لنا جميعا من أجل تبادل الأفكار و تعديل أطروحاتنا و تغيير رؤيتنا للأمور و إصلاح ما نعتقد أنه يتوجب ذلك

إن أهم ما يثلج صدري هو أنه رغم اختلافنا إلى حد التصادم أحيانا، فإن ما يجمعنا هو أكثر مما يفرقنا: تـــــــــــــــــــونــــــــــــــــــــس

لا يوجد في العالم سوى جمهورية تونسية واحدة هي لجميع من يحملون الجنسية التونسية و لا يحق لأحد أن ينسب الوطنية أو حب تونس و حمايتها لنفسه فقط. فحتى من ضاق صدره يوما و لفظ الخضراء منه و ركب عباب البحر إلى إيطاليا، لم يكن على لسانه عندما احتجزه الإيطاليون سوى إسم تونس. فصاح و صرخ مناديا خضرائه التي سبق و أن ضاق صدره بها و إليها وجّه ندائه

و عندما نسافر، تتعلّق أعيننا بعلمها و علامة سفارتها فيخفق القلب ابتهاجا بهما و نقول عندها لمن معنا: ذلك علم بلادي و تلك سفارتي

لا أستطيع أن أستوعب فكرة حجب مواقع الكترونية أو أن يعذّب مرء بسبب أفكاره أو لأنه رفع مظلمة أو اختلف معنا، طبعا طالما لم يتخطى مرحلة الأفكار و الحجاج إلى مرحلة أفعال قد يكون لها تأثير على أمن و استقرار البلد. و لكن أن يتعرّض للمضايقات أو التعذيب فقط لمجرد أن اختلف معي على مستوى الرأي ، فهذا أمر غير مقبول

و لا يمكنني أيضا أن أستوعب كيف أن أفرادا يغلقون أبواب الحوار...لا يمكنني أن أغلق باب الحوار مع أبناء وطني. كيف لا و أنا الذي فتحه مع بني صهيون؟

و كيف لا يمكنني أن أحترم من يدافع على حقوق الانسان في وطني؟ أوليس بدفاعه عن حقوق الانسان إنما هو يدافع عن حقوقي و حقوق عائلتي و أصدقائي و أبنائي يوما ما؟؟؟
أوليس يدافع عن حقي في معرفة الحقائق و الاضطلاع على سير دوليب الحكم و مسائلة الحكّام و ضمان الحريات و حق التعبير و الحق في الاختيار و ضمان كرامة الانسان في المعاملة و تحسين مستوى العيش و ضمان مستقبل أفضل و مزدهر محاربة الفساد و المحسوبية؟؟؟؟

ألا يستحق هؤلاء الأفراد و المنظمات الذين ضحوّا بحريتهم من أجل ضمان حريتنا، الثناء؟
ألا تستحق مفاهيم مثل الحرية و الديمقراطية و محاربة الفساد و الرشوة و المحسوبية و الحق في الاختيار و حرية النعبير و الشفافية و علوية القانون و نزاهة القضاء، ألا تستحق العناء؟

لا..و ألف لا...أفضل العيش بدون كل تلك المفاهيم على أن يتاجر بها من يدعي أنه ناشط حقوقي أو سياسي لأنه إنما هو في واقع الأمر بصدد استغلالي و استغلال عاطفتي و حاجتي و هو بذلك إنما يفرغ مثل تلك المفاهيم من كل رونقها و إنسانيتها و عدالتها