dimanche, décembre 21, 2008

مستوى منتظر الزيدي و عبد الباري عطوان بمستوى الحذاء نفسه




شاهدت مقاطع من برنامج حوار مفتوح على قناة الجزيرة و كان الأستاذ عبد الباري عطوان من بين الضيوف. و بالرغم من أن رئيس تحرير صحيفة القدس العربي هو من الصحافيين العرب المشهورين إلا أنه في بعض الأحيان لا ينفك عن "التخبيص" مثلما يقول أشقائنا بالشرق. فهو، و كآلاف العرب من المحيط إلى الخليج، صوّروا الصحفي العراقي منتظر الزيدي و كأنه بطل قومي. فقذف رئيس دولة يحلّ ضيفا على دولة معيّنة، بسبب سياساته تجاه الدولة المضيفة في فترة تاريخية معيّنة بحذاء، أصبح معيارا للتعبير عن الاستياء من سياسات تلك الدولة تجاه عالمنا العربي و الاسلامي.

أيعقل هذا؟ صحيح أن ما قام به منتظر الزيدي هو تعبير عن استيائه من إدارة بوش و لكنه تناسى أنه و مهنته أرفع من قذف القادة بالأحذية و الشتم...فسلاحه هو الكتابة مثلنا نحن المدوّنون. أم هل أننا سنفاجئ يوما ما برشق بعضنا البعض بالأحذية خلال لقاءاتنا لا لسبب إلا و أن عددا منا لا يستيسغ ما يكتبه آخرون؟ قد يرى البعض من قصة الحذاء مجرّد تعبير عن رأي و إهانة للرئيس الأمريكي الذي و على قول السيد عطوان أهان العرب و المسلمين و لكن يبدو أن السيد عطوان قد نسي أو هو تناسى أن العرب مسؤولون و بدرجة كبيرة عن حالهم اليوم و أن عليهم مراجعة أنفسهم قبل اتهام الولايات المتحدة أو إسرائيل.
أحد المحللين العراقيين الحاضرين بالبرنامج تحدّث عن الصحافة كمهنة و اعتبر أن ما قام به الزيدي ينافي قوانين المهنة و لا ينمّ عن مهنية أو حرفية و تسائل لماذا لا و لم نرى صحفيين فلسطينيين يقذفون الساسة الاسرائيليين أو الأمريكيين خلال المؤتمرات الصحفية مع أن معاناة الفلسطيين أشدّ وقعا من العراقيين؟ فكان ردّ السيد عطوان هو أن الاسرائيليين لا يسمحون للفلسطينيين بحضور مؤتمراتهم و لكن سرعانما جاء رد المحلل العراقي و أنا أشاطره الرأي. لأنه يبدو أن السيد عطوان قد تناسى عشرات الصحفيين الفلسطينيين الذين يعملون لصالح وكلات عربية و أجنبية و يجوبون إسرائيل من الشمال إلى الجنوب و عانوا من التضييقات و تم حبسهم و سجنهم و إهانتهم و مع ذلك لم يقدموا يوما على قذفأو شتم مسؤول إسرائيلي أو أمريكي خلال مؤتمر صحفي أو زيارة رسمية و عندما تدخّل بن جدّو ليذكّر بنعرّض رئيس وزراء فرنسا السابق جوسبان للرشق بالحجارة خلال زيارته لجامعة بيرزيت، يبدو أن الأستاذ بن جدّو أيضا، الذي حاول الدفاع عن السيد عطوان، قد تناسى هو الآخر أن من قذف ليونال جوسبان بالحجارة كانوا مجموعة من الطلبة و لم يكونوا من الصحفيين الذين لديهم قواعد و أخلاقيات مهنية السيد عطوان واصل تشجيعه للزيدي بل و شجّع بطريقة ضمنية الشارع العربي إلى الخروج و قذف القادة العرب بالنعال. هل يمكن أن يصل مستوى رجل صحفي مرموق إلى هذا الحدّ؟ أيمكن أن يصل المرء إلى مستوى لا يرى معه أبعد من حذائه؟ أيمكن أن نلخّص شرف الأمة العربية و الاسلامية في حذاء؟ أم هل أن المستوى الحقيقي لهؤلاء أمثال الزيدي و عطوان هو نفسه لا يتخطى حدّ مستوى الحذاء؟