لاحظت في الآونة الأخيرة حملة عدد من المدونين التونسيين و تحاملهم على التطبيع مع إسرائيل و ضد جريدة الصباح التونسية تحديدا. لذلك قلت لنفسي لماذا لا يبعث هؤلاء المقتنعين بالسلام مع إسرائيل حملة من أجل التطبيع مع إسرائيل. نحن نكره إسرائيل لأننا نعتبر أن قيامها على أرض فلسطين غصب للأرض و طرد لأصحابها الأصليين. و لكن عدد كبير من العرب و المسلمين يكرهون إسرائيل، ليس بسبب سياستها العقيمة في المنطقة بل بالوراثة. لأن جدي لجد جد والدتي و خال جد عمة أخت صديق ابنة جارتنا و جار خال عم صاحب خالي يكرهون إسرائيل و يعتبرونها غاصبة للأرض و قاتلة للسكان الفلسطينيين و مبعدة إياهم. إنه كره بالوراثة لا عن تفكير أو بحث معمق. هذا الكلام ينطبق على الاسرائيليين في الجهة المقابلة أيضا. و لكن علينا أن تقف وقفة تطلع و ننظر إلى حالنا و موقعنا. أين نحن منذ 60 عاما و أين أصبح ما يصنفه البعض في خانة العدو: إسرائيل. ألم يعد جمال عبد الناصر برمي اليهود في البحر؟ ألم يترك الفلسطينيون أراضيهم و منازلهم في بداية الأمر طواعية ظنا منهم أنهم عائدون بعد أن سوق لهم جمال عبد الناصر و من معه في الجبهة الأحلام الوردية. فماذا كانت النتيجة؟ آلاف الفلسطينيين مهجرين حول العالم و يعيشون في مخميات في ظروف غير انسانية. و العودة المأمولة منذ 60 عاما تكاد تتحول إلى العدم. و الآن تنضم للقافلة شخصيات جديدة و حركات جديدة مثل حزب الله و حماس لتزيد الوضع تأزما. لماذا لا نحاول التفاوض مع إسرائيل؟ لماذا لا نحاول أن نبني علاقات ثقة بين الطرفين؟ ألم تثق إسرائيل بنا في التسعينات فماذا كان ردنا؟ حافلات مفخخة يوميا في تل أبيب و القدس. كيف تريد بناء ثقة و تطالب طرفا بمنحك الحرية في حين أنك تحول تلك الحرية إلى إرهاب و قتل عوض اغتنام الفرصة من أجل محو آثار الماضي و بناء علاقات جديدة، متوازنة حتى تحصل على المزيد. إن المشكل الأساسي ليس في إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن المشكل الأساسي فينا نحن العرب و المسلمون. لأننا غير جديرين بالثقة و الحرية..طالما أن عددا منا يظهرون ما لا يبطنون. هاهي حماس كونت قوة تنفيذية و عندما انتقد عدد من القلسطينيين و المجتمع الدولي ذلك، قال قادتها أن هدفهم الأمن و خلق التواون و فتح باب العمل لاسيما بالأمن لكل الأطراف الفلسطينية لا أن يقتصر على حركة فتح..الرئيس أبو مازن قبل ذلك...بل كان من المدافعين على حماس حيث توجه للغرب قائلا: لقد أردتم الديمقراطية لنا..و الديمقراطية اختارت حماس لتحكم..لقد كان الرجل عادلا في حكمه و رأيه..لكن حماس العربية الاسلامية لم تشذ عن القاعدة..لقد كانت تقتنص الفرصة المناسبة لتطبق مخططها..لقد كانت على سوء نية و سرعانما انقلبت على الشرعية...لماذا نعتبر دائما أن إسرائيل دائما تمثل خطرا؟ لماذا لا نحاول فتح باب الحوار من جديد و لنكن واقعيين..لنكن واقعيين أن إسرائيل جعلت من صحراء النقب واحة خضراء..تمتلك النووي..لديها جيش عتيد و لا تغرنا حرب 2006 على لبنان..و الأهم لديها النظام و احترام القانون و محاسبة المسؤولين و التعليم و الاكتشافات العلمية و الطبية..لماذا ننظر دائما للوجه القبيح القاتم و لا ننظر للناحية الايجابية؟