مازالت المسألة اللبنانية تحوز على اهتمام إعلامي و شعبي عربي و دولي مهمّين و بصفة خاصة قبيل انعقاد القمّة العربية بدمشق. من أبرز الغائبين عن القمة العاهل السعودي و الرئيس المصري و العاهل البحريني و العاهل المغربي، في حين امتنع لبنان عن المشاركة أصلا. و لقد رأت المعارضة اللبنانية أن مقاطعة لبنان للقمة هو انصياع للأوامر الأمريكية و فضلت المشاركة. الغريب أن نفس المعارضة اللبنانية كانت أعلنت في السابق أنها لا ترغب في المشاركة بقمة دمشق و ذلك عندما أعلن الرئيس السنيورة أنه قد يشارك. يعيني هذا التلاعب و هذه السياسة السقيمة و المنحطة و التلاعب بمشاعر الناس و عواطفهم و هذا الأخذ و الرد و التقدم نحو الأمام ثم التراجع، أصبحت سياسة مفضوحة. أنا من المتابعين للإعلام اللبناني و منه إعلام المعارضة و عندما نقول إعلام المعارضة فنحن نتحدث عن قناة المنار التابعة لحزب الله و عن قناة ان بي ان التابعة للرئيس برّي و قناة أو تي في التابعة لميشال عون و قناة الجديد التابعة لأحد رجال الأعمال و هي قناة معارضة أصلا لكل حكومة بقطع النظر عن الأشخاص و الأسماء. أغلب هذه القنوات و بصفة خاصة المنار تسوّق إلى أن المواطنين بالجنوب يستعدون للحرب مع إسرائيل و أنهم يدعمون حزب الله في حين أن الصورة الحقيقية مغايرة تماما، و هي أن عدد كبيرا من المواطنين انطلقوا فعلا في مغادرة الجنوب خوفا من الحرب و عبّر عدد كبير منهم و بصفة خاصة من الشباب أنهم ضد الحرب و أنهم يريدون العيش و العمل بسلام. حزب الله قاوم، مشكور. و لكن اليوم لا بد من بسط نفوذ الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية و لا بد للحزب أن يختار إما العمل السياسي و بالتالي التخلي عن السلاح و الانخراط التام في الدولة و مؤسساتها الشرعية و الدستورية و العسكرية و الأمنية أو أن يواصل العمل المسلح و بالتالي فاليغادر العمل السياسي. أما أن يريد الامساك بكل خيوط اللعبة و أن يتحكم في مصير الجميع و في مصير البلد و المنطقة و الأمة و أن يواصل استعمال خطوط اتصال خاصة به و غير مراقبة و أن يواصب تقديم المال إلى المواطنين دون أي رقابة على مداخيله و أن يواصل تعطيل دواليب الدولة و احتلال الوسط التجاري و التسبب في إغلاق المحال التجارية و تعطيل جملة من الاستثمارات فإن هذا غير مقبول بتاتا. الجميع يتحد و يصف حكومة السنيورة بأنها غير شرعية و غير دستورية ، هذا الأمر غير صحيح. أنا لا أقول هذا من منطلق التعاطف مع فريق 14 آذار و إنما بصفة شخص درس القانون و منه القانون الدستوري و بالعودة إلى الدستور اللبناني ، فإن المادة 69 -ب- تنص على أن الحكومة تعتبر مستقيلة، و بالتالي غير شرعية و غير دستورية كما تدعي المعارضة، إذا فقدت أكثر من ثلث أعضائها في حين أن حكومة السنيورة لم تفقد سوى 6 وزراء أي أقل من الثلث و بالتالي فهي دستوريا تعتبر شرعية و دستورية تماما و أعمالها قانونية و دستورية و شرعية و كل ما تريدون. و تضيف المادة التاسعة و الستون -و- أن الحكومة تعتبر مستقيلة إذا سحبت الثقة منها من المجلس النيابي و لكن المعارضة لا يمكنها نزع الثقة من الحكومة لأن الرئيس بري يغلق أبواب المجلس النيابي و لأن الحكومة تتمتع بدعم فريق 14 آذار أي بدعم الأغلبية بالمجلس و هو ما يعني استحالة حجب الثقة عنها إلا إذا ما تمت مواصلة اغتيال نواب الأكثرية حتى تفقد الأكثرية أكثريتها. إذن، بعد هذه الأدلة الدستورية، أعتقد أنه أصبح من الواضح من يريد التعطيل و من يكذب و يستخف بالناس و بالمواطنين