عندما رحل الرئيس الفرنسي السابق و الصديق العزيز جاك شيراك عن قصر الاليزي، اعتقد فريق من التونسيين و اللبنانيين أن سيد القصر الجديد نيكولا بن علي، عفوا، نيكولا ساركوزي، سيغير من السياسة الفرنسية تجاه تونس و بيروت و بصفة خاصة تجاه حلفاء شيراك في البلدين. حبس العديد منا أنفاسه خلال لحظة الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية. لا يمكنني أن انكر أنني لم اكن يوما مهتما بالمعارضة التونسية أو بمطالبها و لكنني حبست أنفاسي فيما يتعلّق بالملف اللبناني و بصفة خاصة ملف المحكمة الدولية. ذلك أن أي تراجع من طرف باريس قد يعرّض فريق الرابع عشر من آذار للخطر. و لكن ساركوزي يبدو أنه تجاوز كل الحدود و برهن لنا صحّة المثل الشعبي التونسي
القائل "شد مشموك...لا يجيك ما أشوم". في الحقيقة، أصبحت أكن للسيد ساركوزي احتراما و تقديرا كبيرين. فهو تحول في أقل من سنة إلى أكثر القادة تحركا بين دول العالم و عواصمه. و في كل مكان يحل به، يتم التوقيع على عقود بمليارات اليورو تصب لفائدة فرنسا و الفرنسيين. كما أنه تزوج مؤخرا من سيدة جميلة و أنيقة يرى العديد من المتابعين أنها قد تحتل مكان الأميرة الراحلة ديانا. و لكن على حساب ماذا؟ ألم تتراجع فرنسا الرسمية عن انتقاد وضع حقوق الانسان بدول الجنوب؟
هل هذا التحول في سياسة فرنسا هو تحول غير مدروس أم هل أن باريس اقتنعت مؤخرا أنه لا ينفع العقار فيما أفسده الدهر؟ هل اقتنعت باريس مؤخرا بأن المعارضة التونسية ليست سوى مجرد مسرح هواة؟ و ماذا عن المعارضين التونسيين الذين انتظروا زيارة الرئيس الفرنسي بحماسة أكبر و أكثر من الحماسة الرسمية؟ أعتقد أن ساركوزي وجّه
صفعة للمعارضة التونسية، صفعة قد تؤدي بهم إلى سلك طريق واشنطن علّهم يحظون هناك باهتمام كبير. أوليس البيت الأبيض هو المدخل لكل قصر رئاسي أو قصر ملكي؟ و لكن لدي نصيحة صغيرة للمعارضين التونسيين. في حالة ما إذا توجهتم إلى واشنطن، أرجو منكم أن تحترموا المواعيد و أن تتقنوا الانقليزية قبل التوجه إلى هناك.