لطالما أكدت مرارا و تكرارا أن المعارضة اللبنانية لا تبحث عن المشاركة بقدر ما تبحث عن التعطيل. فالمجلس النيابي أبوابه مغلقة و لا يقوم بمهمته الأساسية و هي التشريع و الارتقاء بمعيشة اللبنانين و تحسين الوضع الاقتصادي و مناقشة ميزانية الدولة و برامج الحكومة و المصادقة على عدد من القوانين و المعاهدات من دون أن ننسى أهمية انتخاب رئيس للبلاد. و لكن الرئيس نبيه بري، أحد أطراف النزاع، أبى إلا أن يكون في خدمة المعارضة اللبنانية كأبهى ما يكون. فهو تارة يقترح مقترحات جدية و طورا ينسحب قبل الوصول إلى حل مرضي للجميع. أما النائب ميشال عون فلقد نصب نفسه ملكا على المسيحيين اللبنانيين مدعيا أنه يحظى بالأغلبية و السبب في ذلك هو أن كتلته النيايبية تحظى بأكبر عدد من النواب المسيحيين و لكن الجنرال يبدو أنه نسي أنه خاض الانتخابات بعيد عودته إلى لبنان من منفاه الباريسي و بالتالي فلقد حاز على عدد كبير من الأصوات بسبب تعاطف عدد كبير من المسيحيين معه كما أنه كان عندها تقريبا ضمن فريق 14 آذار. و لكن الأمور تغيرت منذ تلك اللحظة و غادر عون فريق 14 آذارو بالتالي أعتقد أنه خسر الاجماع المسيحي عندها. و لعل أهم ما كان يعزي عون هو وجود النائب المسيحي ميشال المر و كتلته ضمن تكتل عون. المر وقف إلى جانب مرشح عون خلال الانتخابات الفرعية بالمتن لملء كرسي النائب الشهيد بيار الجميل و وقف المر ضد الرئيس الجميل. الكرسي فاز به مرشح عون. و لكن ميشال المر الذي يحظى باحترام اللبنانيين أعلن مؤخرا عن انسحابه من كتلة عون و أعلن أنه لا يريد أن يكون طرفا في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية و في كلامه هذا دليل كبير على أن المعارضة هي التي تقف وراء تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية و ليس فريق السلطة كما أنه أكد أنه يشعر بندم شديد على وقوفه ضد الرئيس الجميل في انتخابات المتن و تضامنه مع مرشح عون. في كل هذا دلالة كبيرة على أن فريق المعارضة، فريق 8 آذار هو الذي يقف حجرة عثرة أمام انتخاب رئيس للبنان. أما عن كلام المعارضة بأن فريق السلطة، فريق 14 آذار يتمتع بأغلبية وهمية و أنه لا يمثل الشعب اللبناني، فإن كل تلك الاتهامات مجرد مهاترات لأن انتخابات نقابتي المهندسين ببيروت و بالشمال أفرزت فوز ساحقا لقائمة فريق السلطة فريق 14 آذار ضد فريق 8 آذار و كانت تلك أيضا هي نفس النتيجة لعدد من النقابات المهنية و لعدد من المجالس العلمية في الجامعات حيث كان الفوز حليف قوائم فريق 14 آذار. فكيف يمكن إذن لفريق لا يملك ثقة اللبنانيين أن يمتلك ثقة مثقفيه و أطبائه و مهندسيه و محاميه و طلبته؟ و كيف يمكن له أن يحوز أيضا على ثقة البطريرك الماروني نفسه؟ حتى عائلات الأسرى اللبنانيين بالسجون الاسرائيلية طالبوا حزب الله بالتوقف عن استغلال مأساتهم و مأساة أبنائهم لغايات شخصية بل و أجمعوا على وقوفهم إلى جانب فريق 14 آذار. و هناك سؤال آخر يطرح نفسه، لماذا لا تتحدث المعارضة اللبنانية و بصفة خاصة حزب الله عن المعتقلين اللبنانيين بالسجون السورية؟ أليسوا لبنانيين؟ أم أنهم عتبرون سياحا في فنادف سورية؟ و ماذا عن آلاف اللبنانيين المفقودين و المقتولين خلال الوجود السوري بلبنان؟ أين ذهبت دمائهم؟