يبدو أن تونس تشهد هذه الفترة العديد من حملات التنصيب. فمن تنصيب المدوّن قاسم نفسه رئيسا للجمهورية التونسية و قائدا أعلى لقوّاتها المسلّحة و ناطقا رسميا باسم الشعب التونسي، مع أنني لم أسمّيه كذلك، و لا أعتقد أن عددا كبيرا من التونسيين قاموا بذلك، فإن عددا آخر من التونسيين نصّبوا أنفسهم كحقوقيين و مدافعين عن الشعب التونسي الذي يرون أنه يعيش في سجن كبير و أذكر بالخصوص السيدة سهام بن سدرين و السيد المنصف المرزوقي و السيد توفيق بن بريك و القائمة طويلة - عريضة
و لكن هل تسائل هؤلاء يوما عن معنى النضال و الوطنية؟ و هل تسائل التونسيون يوما عن معنى الوفاء للوطن؟ هل الوقوف أمام السفارات الأجنبية و الحصول على تمويلات مشبوهة هو الحلّ من أجل القول أنني أدافع عن الشعب التونسي و عن حقّه في الحرية و الديمقراطية؟ هل كوني حقوقي و مدافع عن الشعب يخوّل لي أن أقوم بترويج معلومات مغلوطة و أخبارا كاذبة بالخارج و الداخل؟
و إن كان التونسيون يعيشون حقّا في سجن كبير، فكيف أمكن لي، أنا الحقوقي المعارض دوما للنظام، أن أغادر حدود أرض الوطن، هذا إن اعتبرت أصلا وجود وطن اسمه تونس، أن أغادر أرض تونس و أن أجول بأوروبا شرقها و غربها، و ان أحاضر من أعلى منابر الجامعات الغربية و أن أقف أمام مصادح الحرية ثمّ أعود إلى تونس، لأغادرها من جديد إلى دوحة الخليج أو بيروت لأعود من جديد إلى تونس و من ثمة أغادرها من جديد إلى واشنطن لأعود من جديد إليها، ثم أقف و أقول: إن السلطات التونسية تمنعني و تمنع غيري من الحصول على جواز سفر و من السفر خارج تونس و العودة إليها؟؟؟؟؟؟ فكيف سافرت إذن؟ هل هو ذلك الفرس العجيب، البراق، الذي حمل الرسول محمد صلى الله عليه و سلّم إلى القدس، هل هو نفسه الذي سافرت عليه؟؟؟؟ سبحان الله
ألست أنا الحقوقي المعارض للسلطة التونسية على الدوام، ألست أنا من ينادي دوما باحترام القاوانين و دولة القانون و المؤسسات و محاربة الفساد و استغلال النفوذ و القرابة و أن لا تكون كل تلك مجرّد شعارات جوفاء ترفع، بل واقعا معيشا؟ و بالتالي أليس من البديهي أن أحاول أن أرفع أين تخترق القوانين و ما هي القوانين المشكوك في دستوريتها و شرعيتها و أين هي القوانين التي تقف حجر عثرة أمام الحرية و الديمقراطية في تونس عوض أن أقوم بفتح قناة إذاعية بصفة مخالفة للقوانين و التراتيب و من ثمّة أصوّر الأمر و كأنه تعدّ للسلطة على حقيّ في التعبير؟؟؟؟؟؟ ألست أنا من خرق القانون أصلا؟؟؟؟ حتى و إن كان القانون، أو بالأحرى ربما ردّ الادارة المعنية قد لا يكون في صالحي، أوليس من الأفضل أن أتبّع المسالك الادراية و من ثمة أظهر للعالم رفض الادارة منحي الترخيص لأسباب غير صحيحة مثلا، عوض أن اتحدى القانون، و ليس الدولة، بل القانون أيّ أنني تحديّت كل الشعب التونسي الذي أدافع عنه ليلا-نهارا، و بالتالي تساويت أنا و من كنت أنتقدهم يوميا و أنتقد استغلالهم للنفوذ و خرقهم للقانون ، و بالتالي أفتح إذاعة خاصة من دون الرجوع إلى السلط المعنية؟؟؟؟ هل نحن نعيش وسط مجتمع تحكمه نواميس معروفة أم أنني أتواجد بمنزلي حيث يحق لي أن أقوم بما أشاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد قمت بخرقي القانون، و مع ذلك أواصل نضالي مصرّا أن السلطات هي التي قامت بقمعي. و لكن، هل كوني حقوقيّ، مدافع عن الشعب ، معارض للنظام، هل يعطيني ذلك الحق في أن أتحدّى السلطة و أخرق القوانين و أن أستفز الأمن و المشاعر و أن أصوّر تونس و كأنها تعيش أحلك فتراتها التاريخية و أنها متجّهة نحو الهاوية بسرعة تفوق سرعة الصوت؟
أليس الأجدر بي أن أقدّم الحلول و رؤيتي لتونس و ماهو البديل الذي يمكنني أن أقدمه لشعبها حتى أحصل على ثقته و على تعاطفه و تعاونه بدل أن أن أقف أمام حائط المبكى، أبكي و أشتكي ليلا، نهارا أمام الأطلال، منتظرا حاملة طائرات أمريكية أو تدخلا من الاليزي أو ربما حتى تعاونا تل أبيبيّا يسمح لي يوما بدخول قرطاج؟؟؟؟؟؟؟؟
يا ترى، هل تصويري للوضع بتونس أنه قاتم و نشري لأكاذيب تتعلّق بالتعرّض للطلبة و تلفيق التّهم لهم من طرف أعوان الأمن تحت التعذيب و من ثمة ابتزاز عوائلهم قصد الحصول على أموال مقابل إطلاق سراح أبنائهم، و هل قيامي بالصياح و العويل أمام رجال الديوانة التونسية الذين يقومون بعملهم الادراي و الأمني، فقط لأنني لاحظت مرور فريق صحفي أجنبي، و هل قيامي بسبّ و شتم رجال الأمن و خرق قانون الطرقات، حتى أستفّز الأعوان و بالتالي أصوّر ملاحقتهم و استجوابهم لي و قيامهم بتطبيق القانون، على أنه استهداف لي من طرف السلطة؟ أليس للسلطة و النظام من اهتمام غير الاهتمام بي و بما أقوم به في حين أنه توجد العديد من التحديات الوطنية منها التشغيل و تحسين ظروف العيش و الحفاظ على القدرة الشرائية و النزول بنسب الفقر و الأمية و العمل على مجابهة تداعيات الأزمات المالية و الجيو-سياسية العالمية؟؟؟؟
إن كنت أنا في دائرة الاهتمام الأمني و السياسي للنظام، فياله من أنا؟؟؟؟؟؟ أنا إذن شخص مهم جدا في هذا البلد.... إذن أليس الأجدر أن أستثمر هذه الأهمية من أجل جلب الاستثمارات و خلق فرص العمل و تقديم البديل و أن أبرهن أنني قادر على أن أكون يوما ما في السلطة حتى أحافظ على مكتسبات الأمة منذ الاستقلال و أن أضيف لها؟ أليس عليّ العمل أن أوضح للشعب أنه قادر على أن يأتمنني على حياته و ممتالكاته و أمواله و مكتسباته، خاصة و أنني أتمتع بخيال خصب فيما يتعلّق بالتلفيق و التكذيب و التشويه و القمع و الاعتقال و الترهيب؟؟؟؟؟؟؟؟
و لكن هل تسائل هؤلاء يوما عن معنى النضال و الوطنية؟ و هل تسائل التونسيون يوما عن معنى الوفاء للوطن؟ هل الوقوف أمام السفارات الأجنبية و الحصول على تمويلات مشبوهة هو الحلّ من أجل القول أنني أدافع عن الشعب التونسي و عن حقّه في الحرية و الديمقراطية؟ هل كوني حقوقي و مدافع عن الشعب يخوّل لي أن أقوم بترويج معلومات مغلوطة و أخبارا كاذبة بالخارج و الداخل؟
و إن كان التونسيون يعيشون حقّا في سجن كبير، فكيف أمكن لي، أنا الحقوقي المعارض دوما للنظام، أن أغادر حدود أرض الوطن، هذا إن اعتبرت أصلا وجود وطن اسمه تونس، أن أغادر أرض تونس و أن أجول بأوروبا شرقها و غربها، و ان أحاضر من أعلى منابر الجامعات الغربية و أن أقف أمام مصادح الحرية ثمّ أعود إلى تونس، لأغادرها من جديد إلى دوحة الخليج أو بيروت لأعود من جديد إلى تونس و من ثمة أغادرها من جديد إلى واشنطن لأعود من جديد إليها، ثم أقف و أقول: إن السلطات التونسية تمنعني و تمنع غيري من الحصول على جواز سفر و من السفر خارج تونس و العودة إليها؟؟؟؟؟؟ فكيف سافرت إذن؟ هل هو ذلك الفرس العجيب، البراق، الذي حمل الرسول محمد صلى الله عليه و سلّم إلى القدس، هل هو نفسه الذي سافرت عليه؟؟؟؟ سبحان الله
ألست أنا الحقوقي المعارض للسلطة التونسية على الدوام، ألست أنا من ينادي دوما باحترام القاوانين و دولة القانون و المؤسسات و محاربة الفساد و استغلال النفوذ و القرابة و أن لا تكون كل تلك مجرّد شعارات جوفاء ترفع، بل واقعا معيشا؟ و بالتالي أليس من البديهي أن أحاول أن أرفع أين تخترق القوانين و ما هي القوانين المشكوك في دستوريتها و شرعيتها و أين هي القوانين التي تقف حجر عثرة أمام الحرية و الديمقراطية في تونس عوض أن أقوم بفتح قناة إذاعية بصفة مخالفة للقوانين و التراتيب و من ثمّة أصوّر الأمر و كأنه تعدّ للسلطة على حقيّ في التعبير؟؟؟؟؟؟ ألست أنا من خرق القانون أصلا؟؟؟؟ حتى و إن كان القانون، أو بالأحرى ربما ردّ الادارة المعنية قد لا يكون في صالحي، أوليس من الأفضل أن أتبّع المسالك الادراية و من ثمة أظهر للعالم رفض الادارة منحي الترخيص لأسباب غير صحيحة مثلا، عوض أن اتحدى القانون، و ليس الدولة، بل القانون أيّ أنني تحديّت كل الشعب التونسي الذي أدافع عنه ليلا-نهارا، و بالتالي تساويت أنا و من كنت أنتقدهم يوميا و أنتقد استغلالهم للنفوذ و خرقهم للقانون ، و بالتالي أفتح إذاعة خاصة من دون الرجوع إلى السلط المعنية؟؟؟؟ هل نحن نعيش وسط مجتمع تحكمه نواميس معروفة أم أنني أتواجد بمنزلي حيث يحق لي أن أقوم بما أشاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد قمت بخرقي القانون، و مع ذلك أواصل نضالي مصرّا أن السلطات هي التي قامت بقمعي. و لكن، هل كوني حقوقيّ، مدافع عن الشعب ، معارض للنظام، هل يعطيني ذلك الحق في أن أتحدّى السلطة و أخرق القوانين و أن أستفز الأمن و المشاعر و أن أصوّر تونس و كأنها تعيش أحلك فتراتها التاريخية و أنها متجّهة نحو الهاوية بسرعة تفوق سرعة الصوت؟
أليس الأجدر بي أن أقدّم الحلول و رؤيتي لتونس و ماهو البديل الذي يمكنني أن أقدمه لشعبها حتى أحصل على ثقته و على تعاطفه و تعاونه بدل أن أن أقف أمام حائط المبكى، أبكي و أشتكي ليلا، نهارا أمام الأطلال، منتظرا حاملة طائرات أمريكية أو تدخلا من الاليزي أو ربما حتى تعاونا تل أبيبيّا يسمح لي يوما بدخول قرطاج؟؟؟؟؟؟؟؟
يا ترى، هل تصويري للوضع بتونس أنه قاتم و نشري لأكاذيب تتعلّق بالتعرّض للطلبة و تلفيق التّهم لهم من طرف أعوان الأمن تحت التعذيب و من ثمة ابتزاز عوائلهم قصد الحصول على أموال مقابل إطلاق سراح أبنائهم، و هل قيامي بالصياح و العويل أمام رجال الديوانة التونسية الذين يقومون بعملهم الادراي و الأمني، فقط لأنني لاحظت مرور فريق صحفي أجنبي، و هل قيامي بسبّ و شتم رجال الأمن و خرق قانون الطرقات، حتى أستفّز الأعوان و بالتالي أصوّر ملاحقتهم و استجوابهم لي و قيامهم بتطبيق القانون، على أنه استهداف لي من طرف السلطة؟ أليس للسلطة و النظام من اهتمام غير الاهتمام بي و بما أقوم به في حين أنه توجد العديد من التحديات الوطنية منها التشغيل و تحسين ظروف العيش و الحفاظ على القدرة الشرائية و النزول بنسب الفقر و الأمية و العمل على مجابهة تداعيات الأزمات المالية و الجيو-سياسية العالمية؟؟؟؟
إن كنت أنا في دائرة الاهتمام الأمني و السياسي للنظام، فياله من أنا؟؟؟؟؟؟ أنا إذن شخص مهم جدا في هذا البلد.... إذن أليس الأجدر أن أستثمر هذه الأهمية من أجل جلب الاستثمارات و خلق فرص العمل و تقديم البديل و أن أبرهن أنني قادر على أن أكون يوما ما في السلطة حتى أحافظ على مكتسبات الأمة منذ الاستقلال و أن أضيف لها؟ أليس عليّ العمل أن أوضح للشعب أنه قادر على أن يأتمنني على حياته و ممتالكاته و أمواله و مكتسباته، خاصة و أنني أتمتع بخيال خصب فيما يتعلّق بالتلفيق و التكذيب و التشويه و القمع و الاعتقال و الترهيب؟؟؟؟؟؟؟؟