سيظلّ صوت 14 شباط 2005 حيًا في ضمائرنا طوني حدشيتي كان 14 شباط 2005 ليكون يومًا عاديًا من زمن الوصاية السورية على لبنان، التي كانت يومياتُها تقتصر على الأكل والشرب، والدرس والعمل مع القليل من الراحة، لو لم يتحوّل الى مفصل تاريخي، فيتبدّل معه مصيرُ أكثر من نصف اللبنانيين الذين كانوا يعيشون حالةً موجعةً من القمع والتهميش أثّرت في نفوسهم إلى حدّ بعيد... ولا تزال! ظنّ البعضُ أنّ الصوت الذي دوّى ظهيرة ذلك اليوم هو مجرّد خرق اسرائيلي جديد لجدار الصوت، ولكنّهم لم يدركوا أنّه دويّ صرخات أبرياء احترقوا في محيط السان جورج، شهداء قدّموا أرواحهم في سبيل الوطن ليستعيدَ الحياة والحرية، ويندحرَ الظلمُ والاحتلال، ويتغيّرَ مصيرُ غالبية الشباب اللبناني الذي نشأ على سماع عبارات "الاستقلال" و"السيادة"، ولم يعرف طعمها حتى صدحَ هذا الصوتُ الأليم... صوتٌ لا كباقي الأصوات: أعادَ التوازنَ بين اللبنانيين، وأحيا المعنى الحقيقي للدولة... وجمعَ أبناءَ الوطن على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية تحت لواء 14 آذار... صوتٌ عميق دفعَ ثمنه غاليًا هذه المرّة رفيق وباسيل، جوزيف، عمر، محمد درويش، محمد غلاييني، طلال، زياد، ابو طارق، يمامة والاء ومازن، صوتٌ ليس بغريب، فقد ندهَهُ قبلهم بيار بولس، رمزي عبراني، فوزي الراسي، سليمان عقيقي، إيلي ضو، سامي ابو جودة، نديم عبد النور، وما لا يقلّ عن 15000 شهيد من المقاومة اللبنانية وفي مقدمتهم الرئيس بشير الجميل. طالما في عروقنا نبضٌ... سيظلّ صوت 14 شباط 2005 حيًا في ضمائرنا ومحفورًا في عقولنا نتذكرُه دائمًا بغصّة الرحيل وفرح التحرّر: رحيلُ أبطال الوطن بطريقة قاسية ومؤلمة لا يستحقونها، والتحرّرُ من الخوف الذي اضطهدَنا سنوات طوال، فبتنا لا نهابُ أحدًا ونجاهرُ بعشقٍ كبتناهُ طويلا... عشقُ لبنان دون سواه... سنذكرُه نحن الشباب لأنّه جعلَ حياتَنا الصامتة الباهتة ربيعيةً تزهو بالألوان وتضجّ بالحياة، وفتحَ الآفاقَ أمامنا لنغزوَ مجالات جديدة لم نألفْها من قبل... فشكرًا لرفيق الحريري ورفاقه... لأنّهم بدمائهم شرّعوا باب العذاب الموصد منذ الطائف وأطلقوا سراحنا من سجن القهر والمعاناة الذي كان يسكننُا... وبين 14 شباط 2005 و2009 محطاتٌ كثيرةُ حتّمت علينا إحياء هذه الذكرى كلّما عادت، لنستذكرَ الشهداء الذين غابوا ونطمئنَ نفوسَهم أنّنا لن نخونَ مشروع لبنان المستقلّ الذي ماتوا ليحيوه، ولنؤكّد مرة جديدة على ثوابت ثورة الأرز التي لن تهدأ ولن تستكين حتى يعود لبنان وطنًا لجميع أبنائه لا يفرّق بين فئة وأخرى والكلّ ينضوي تحت امرة الدولة والقانون...
source: http://www.lebanese-forces.com/ar/artde.asp?id=24&newsid=36216