dimanche, novembre 23, 2008

ممثّلي الله يغيبون عن احتفالات لبنان باستقلاله و الرئيس أمين الجميل يختار الهجوم و المواجهة












احتفل لبنان الشقيق يوم السبت 22 نوفمبر/تشرين الثاني بعيد استقلاله الخامس و الستين. و لقد أقيم بهذه المناسبة عرض عسكري وسط العاصمة بيروت حضره رئيس الجمهورية ميشال سليمان و رئيس الحكومة فؤاد السنيورة و رئيس مجلس النواب نبيه بري إضافة لرئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل و عقيلة الرئيس الشهيد رينيه معوض نائلة معوّض و عقيلة الرئيس الشهيد بشير الجميل صولانج الجميل في حين غاب الرئيس السابق إميل لحود و كذلك النائب سعد الحريري، الذي هاتف الرئيس سليمان مهنّئا و النائب وليد جنبلاط. العرض العسكري عاد إلى لبنان بعد انقطاع دام سنتين...عاد العرض العسكري و عادت نكهة الاستقلال بوجود سيد جديد في القصر ففتح قصر بعبدا أبوابه أمام المهنئين و لكن غاب عن كل الاحتفالات فريق معيّن. غاب نواب الله...غاب ممثلي الله...غاب حزب الله أوليس الحدث حدثا وطنيا؟ أوليس اليوم هو يوم استقلال لبنان؟ يوم الحرية؟ يوم رفع العلم اللبناني؟ ربما أصبح حضور الاحتفالات بيوم الاستقلال يعتبر خيانة...فهو سيكون بمثابة إقرار حلفاء دمشق باستقلال لبنان عن الوطن الأم سورية...سيعني موافقة ممثلي الله عن الانسلاخ عن الوطن الأم سورية...فلماذا الحضور ما دام الحزب لا يدرج وحدة الوطن و تقدّمه و استقلاله على لائحته؟ ليتدارك الحزب غيابه أرسل اليوم الأحد وفدا إلى رئيس الجمهورية...و لكنني لا أعتقد أن الزيارة تمت حتى يتدارك الحزب ما فات بل ربما وضع للنقاط التي سيتناولها الرئيس سليمان مع القادة في إيران خلال زيارته التي تستمر يومين من الاثنين 24 إلى الثلاثاء 25 نوفمبر...أظنهم ذهبوا إليه محمّلين بالخطوط الحمر بأمر من سيّدهم نصر الله و لكن أكثر ما يهمّ هو الهجوم الذي قام به الرئيس الأسبق أمين الجميل، رئيس حزب الكتائب الذي ترأس حفلا ضخما أقيم في الفوروم دو بيروت صباح اليوم الأحد 23 نوفمبر. الحفل كان تكريما للوزير بيار الجميل الذي أغتيل منذ سنتين استهل رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس امين الجميل كلمته في ذكرى تأسيس حزب الكتائب اللبنانية واستشهاد الوزير بيار الجميل بالقول:"ما بالُـنـا بدأنا الاحتفالَ والكلام، وبيار لم يَصِلْ بعد؟ أغـيّرَ عادتَـه أم تَـناسَـيْـنا استشهادَه؟ في أيِّ ملكوتٍ سماويٍّ أنت، أيها الأبن الحبيب الذي به سررت، ثم نُكِـبْت؟
عامان على استشهادِه، واثنانِ وسبعونَ عاماً على تأسيسِ الكتائب. لا الأولُ غاب، ولا الثاني شاخ. و أضاف: حتى الأمس القريب، آلينا على أنفسنا تجديد الرهان بعد كل محنة. قبلنا أن نُلدَغَ من الجُحْرِ مرات لا مرتين. صدّقنا مقولة اللاغالب واللامغلوب. رفضنا نظرية الحرب الأهلية. وضعنا أسباب الحروب على الآخرين فقط. أردنا أن يكون حبنا لهويتنا أقوى من القتل. تجاهلنا مرحلياً قتلة أبنائنا واشقائنا وأطفالنا وشيوخنا وكل شهدائنا حتى تبقى مساحة الــ 10452 كلم² دولة واحدة، فإذ ببعضنا يجعل كل رقم من هذه الأرقام الخمسة دولة، ويا ليتها دولة له، بل للغرباء.

كما بيّن أنه في ضوء التجارب و الوقائع المريرة التي عرفها و يعرفها لبنان، وغداة عيد الاستقلال، يبدو النظام مُعطّلاً والميثاق مطعوناً، ولا أحد يتلو فعل الاعتراف أو فعل الندامة. استمرار هذا الواقع مرفوض، فلنقرر معاً ماذا نريد. للتقسيم ألف طريق وطريق، لكن للاتحاد طريق واحد: الولاء للبنان. والولاء للبنان ليس عاطفة فقط، بل موقف. وترجمة الموقف تكون بفك الارتباط بالخارج، باحترام سلطة الدولة، بإنهاء حالات الانفصال، بالتخلي عن السلاح غير الشرعي، برفض عملي للتوطين، بنبذ التطرف والتعصب، بالتآلف الحضاري وإحترام بعضنا للبعض الآخر. إن كنا مستعدين لهذه التضحيات الواجبة، فهلموا نتحد، وإن كنا غير مبالين، وهذا هو الظاهر حتى الآن، فهلموا نتفاهم على رؤية مستقبلية
للبنان تحفظ الكيان والانسان قبل الانتخابات النيابية أو بعدها.
من هنا، يأخذ استحقاق الانتخابات اللبنانية المقبلة بعداً مصيرياً، فإذا لم تنتصر قوى السيادة والاستقلال والاستقرار والتقدم ـ وستنتصر ـ سيتحول التغيير كابوساً وسيتعطل مفعول انتخاب رئيس الجمهورية. إن إكمال بناء الدولة الحرة يستلزم أكثرية نيابية تواصل اتخاذ القرارات الصحيحة والصعبة، وتحول دون عودة لبنان إلى مناخات ما قبل سنة 2005.
إن انتصار القوى المناهضة لحركة السيادة يقضي على جوهر الوجود اللبناني لأن انتصار هذه القوى هو مشروع بناء لبنان الآخرين لا بناء دولة اللبنانيين المتجددة. إن هذه القوى تحاول اليوم طمأنة اللبنانيين، فلا تصدقوها، فاعتدالها مرحلي وتكتيكي، بينما اعتدالنا ثابت واستراتيجي. إن ترجمة النيات الحقيقية تكون بتقوية الدولة الواحدة، لا باقتطاع مزيد من الأرض ومؤسسات الدولة، ولا بالاعتداء على الجيش اللبناني والقوى الأمنية تحت ألف ذريعة وذريعة ولا بتبرير منطق الدويلات على حساب الدولة الواحدة. وما نلاحظه هو أن هذا الفريق يصرّ على إطالة الأزمات من أجل استكمال سيطرته على البلاد عبر الشارع تارة، وعبر المؤسسات تارة أخرى؛ ومن أجل إبقاء لبنان منفذاً احتياطياً لمشاريع الهيمنة العربية والإقليمية.
مع تمييزنا بين اللبناني وغير اللبناني، لا تتحمل الدولة وجوداً عسكرياً غير شرعي على أي بقعة من أراضيها. لا سلاح المنظمات الفلسطينية، وحان وقت لملمته من خارج المخيمات ومن داخلها. ولا سلاح حزب الله في الجنوب والبقاع والعاصمة والضاحية وغيرها، وحان وقت عودته إلى الدولة. ولا سلاح التنظيمات الأصولية في بعض أحياء المدن وحان وقت نزعه والتصدي لأصحابه. فاللبنانيون يرفضون تسلل التوطين مجدداً، واي دويلات ومشاريع دويلات ذات طابع ديني ويريدون دولة لبنان فقط وللبنانيين فقط

و وواصل الرئيس الجميل هجومه على حزب الله و حلفائه متسائلا عن فائدة البحث عن استراتيجية دفاعية لن تؤدي إلى معالجة جذرية لهذه الأخطار الثلاثة؟ نحن نريد استراتيجية دفاع عن الوطن وغيرنا يريد استراتيجية دفاع عن سلاحه. نحن نريد دولة تحمي لبنان أرضاً وشعباً، بجيشها وقواها الأمنية . حينئذ لا يستنجد لبنانيون بحمايات خارجية ارتدت عاجلاً أو آجلاً ويلات عليهم. لا نريد أن ينقذنا العثماني من الملوكي، والأوروبي من العثماني، والبريطاني من الفرنسي، والأميركي من المد الناصري، والسوري من الفلسطيني، والإسرائيلي من الفلسطيني، والأميركي مجدداً من السوري. نريد دولة لبنانية جامعة تمنع أي قوة خارجية من دخول أراضيها. فإما نحن شعب متحد قادر على الدفاع عن نفسه، وإلا فلا نستحق الحياة. ونحن نستحقها.
إن استراتيجية الدفاع الحقيقية هي عملياً استراتيجية سلام لا استراتيجية حرب. إن الدول تتسلح لتضمن سلامها واقتصادها وازدهارها لا لشن الحروب العبثية واستعادة عهود الفتوحات. إن سلام لبنان هو دفاعه الحقيقي.
لا يحتمل الوطن دولتين، والدولة جيشين، والجيش سلاحين، والسلاح قرارين. إن وجود سلاح في أيدي أطراف لبنانية وغير لبنانية يصادرون قرار الحرب والسلام يعرض لبنان في أي لحظة لاحتمال اعتداء إسرائيلي لا يميز بين مسببي الاعتداء والدولة والشعب.
بصراحة وطنية ندعو إلى مواجهة هذا الحقائق المصيرية. لكن إعادة النظر في بنيان الدولة اللبنانية لا يجوز أن تتخطى ثلاث ثوابت هي كيان الوطن اللبناني الواحد الذي تم الاعتراف به سنة 1920، وميثاق التعايش اللبناني الذي توافق عليه اللبنانيون سنة 1943 وريادة الدور المسيحي السياسي في لبنان. فأي انتقاص من هذا الدور تحت أي ذريعة يعرّض وحدة الكيان للخطر. يبقى أن يَـعِيَ المسيحيون مسؤولياتهم فيتحدوا. إن وحدة المسيحيين هي هاجس حزب الكتائب لأنها ضمان وحدة اللبنانيين.
إن أي تجاوز لهذه الثوابت الثلاث يمسّ بوحدة الكيان وسنواجهه، يقضي على إطار فكرة التعايش ونحن روادها، ويضعف دور المسيحيين ونحن حماته مع حلفاء آخرين. ضمن هذه الثوابت الثلاث، أبواب التغيير مفتوحة شرط أن تتم سلمياً وديمقراطياً، فيلجها اللبنانيون عبر مفاوضات مسؤولة وجدية. إن كل اللبنانيين متفقون على فشل الصيغة المركزية الحالية، وغالبيتهم تعرف الحل المناسب، ولكن أقلية تجاهر به.
نحن في الكتائب، من لم يخش التحديات العسكرية، لن نخاف الاستحقاقات السياسية. من خلال التمسك بوحدة الكيان اللبناني وبروح الميثاق الوطني، نعتقد أن مواجهة نزعة التقسيم المتنامية تكمن في تطوير النظام باعتماد: الحياد الإيجابي، تعزيز الحال المدنية في الدولة، والسير من دون إبطاء في اللامركزية الموسعة؛ وتصويب مسار اتفاق الطائف وتطويره. فأيهما أفضل: العيش في ظل جمهوريات غير متحدة وغير لبنانية، أم في ظل جمهورية متحدة وواحدة ولبنانية؟

كما بيّن أنه من الظيم أن نتحدث عن السياسة والأمن والدستور، لكن حذار إهمال شؤون الناس تحت ذريعة السيادة والتحرير والدفاع. إن الجائع لا يُمهِل، وإن الثورة تخرج من أحشاء الجائعين. إن لدينا اقتراحات عديدة لتحسين الوضع المعيشي. من إنشاء صندوق مساعدة العائلات المحتاجة، ومؤسسة رسمية للتوظيف، إلى تطوير قانون ضمان الشيخوخة وتحديث قانوني الضمان الاجتماعي والصحي مروراً بخفض الضرائب والرسوم، لكن عبثا نسعى الى معالجة الملفات الاقتصادية والمعيشية طالما الوضع الامني يبقى رهينة سلطات تتناقض مع سلطة الدولة اللبنانية وهيبتها ، وطالما الاستقرار السياسي مفقود ، ويستمر البعض في ربط نفسه بتحالفات على حساب سلطة الدولة . أي مؤسسة لبنانية تجرؤ على توسيع نشاطها وتكثيف إنتاجها وخلق فرص عمل جديدة قبل أن تتيقن من بسط سلطة الدولة فعلياً على كامل أراضيها؟ أي مستثمر أجنبي يجرؤ على توظيف أمواله في لبنان قبل استتباب السلام وبسط سلطة الدولة كاملة على كل اراضيها ؟ وما يقال عن الاستثمار والتوظيف يقال أيضاً عن المساعدات والهبات. ففي ظل ظاهرة ازدواج السلاح، لن تُقدِم الدول العربية والصديقة على الوفاء بالتزاماتها تجاه لبنان. فمقررات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3، لا تتعايش مع صواريخ زلزل 1 وزلزل 2 وزلزل 3. من هنا، إن هذا السلاح غير الشرعي لا يستعمل في الداخل عسكرياً فقط كما حصل في حوادث 7 أيار في بيروت وفي طرابلس والبقاع والمرتفعات، بل يستعمل في الداخل اقتصاديا أيضاً عبر تحويل المشاريع الإنتاجية إلى دول أخرى وتهريب رؤوس الأموال والشركات الكبرى التي تنعش الحركة الاقتصادية وتخلق فرص عمل وتمنع هجرة أبناءنا. أصحاب هذا السلاح وحلفاؤهم لا يأبهون لحال الشعب اللبناني لأنهم بمنأى عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، لأن لديهم ـ عدا ما يأخذونه من الدولة اللبنانية ـ ميزانياتهم الخاصة، وصناديقهم الخاصة، وهباتهم الخاصة، وضماناتهم الخاصة. بكلمة لأنهم يعيشون عملياً في ظل دويلة مكتملة المقومات ومنفصلة عن الدولة اللبنانية. هذا وضع تقسيمي يتنافى مع نص وروح كل الاتفاقات والمواثيق التي قام على أساسها لبنان.