أسيل الكثير من الحبر...و كتبت المئات من المقالات و المدونات عن غزة و عن العدوان الاسرائيلي و عن حماس و عن شحن حزب الله و عن خيانة مصر و صمت العرب و تربع تركيا و قطر على العرش.
و لكنني شديد الاقتناع، أنه لا يحقّ لأحد، لأيّ أحد، أن ينصّب نفسه مدافعا أوحد عن القضايا العربية و عن غزة بالذات أو أن يتهّم بقية من يخالفونه الرأي بالخيانة و العمالة أو أن يتعرّض إلى أعراضهم و عائلاتهم
إن العالم يزداد يوما بعد يوم تقدّما و تطوّرا حتى أن أمما مثل الصين و الهند دخلوا عالم الفضاء الخارجي و استكشاف الكون و القمر و الكواكب إلاّ العرب فهم "إلى الوراء در...و إلى الخلف سر". و المؤلم أننا لا نزال على ذلك الخط سائرين باختيارنا و طوعنا
عوض أن نحاول إسترجاع أمجادنا بالعلم و العمل و التعلّم و البحث، نبحث دائما عن من نحمّله مشاكلنا و مآسينا فلا يظلّ لنا من مولى و لا نصير إلا البكاء على حائط المبكى الشهير
نعم...أنا ضدّ حزب الله و ضد حماس، ليس لأنهم مقاومون أو إسلاميون أو حاربوا و يحاربوا إسرائيل أو نصروا و ينصروا قضايا الأمة، فكلّ منا يقاوم و ينصر قضايا الأمة. من يكتب مقال، هو يقاوم....من ينشر صورة تفضح ممارسات غير انسانية، هو يقاوم....الإعلامي المتواجد على ساحة المعركة لينقل الحدث و الحقيقة، هو يقاوم، من يتبرّع بالمال و الدم و اللباس و الدواء و المأكل و الغطاء، هو مقاوم...من يخرج في المسيرات و المظاهرات، هو يقاوم...من يشاهد التلفزيون و يتألم و لو في صمت، هو يقاوم....... لأنه "إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر *** و لا بد لليل أن ينجلي * و لا بد للقيد أن ينكسر"
أن يستمر عدد من المدونين لأسباب عاطفية و أخرى إنسانية و أخرى مخفية هدفها الحصول على أكبر عدد ممكن من الداعمين و المناصرين و القرّاء و التربّع على عرش تن-بلوغز أو كذلك من أجل تمرير رسائل سياسية، كل هذا يجب أن يتوقف حالا
إن القضية الفلسطينية و قضايانا العربية مثل مزارع شبعا المحتلة و هضبة الجولان و كذلك مراجعة معاهدات السلام بين إسرائيل و عدد من الدول العربية، كلها مطالب ننادي بها جميعا و نعمل من أجل تحقيقها و بالتالي هي فوق كلّ المزايدات
إن من يستثمرون موت الفلسطينيين و دمائهم من أجل تحقيق مآرب شخصية أو الدعوة إلى الانقلاب على السلطات، إنما هو يتاجر بدماء الشهداء و المستضعفين و بتاريخ الأمة الجمعاء. هذا لا يعني أن عددا كبيرا منا يتحرّك ليس فقط بسبب عاطفته، و لكن لأن إسرائيل تقوم و بحق، بمجزرة و محرقة و تصفية كاملة للفلسطينيين العزّل.
إن من يعتقد أن إسرائيل تقوم بتصفية لحركة حماس فهو مخطئ. إن إسرائيل ترتكب في مجازر ضدّ الانسانية و بتصفية عرقية و تحاول أن تضع أشرطة أمنية عازلة بينها و بين القطاع مثلما تم بينها و بين جنوب لبنان. و هي أيضا تطبّق حرفيا ما قاله الرئيس المصري السابق و من تبعه من سياسة "يا الكل...يا بلاش" و سياسة "سنرميهم في البحر". اليوم تأكد أن الغزّاويين، و أمام حدّة و وحشية الآلة العسكرية الاسرائيلية و أمام انسداد الآفاق و الحصار، قد يهرعون يوما إلى البحر ليكون خلاصهم
إن معاناة غزة و أهلها، بقطع النظر عن انتماءاتهم، هي معاناة يومية منذ أكثر من ستين عاما مثلما هي معاناة الضفة الغربية و كامل الأراضي العربية المحتلّة. و بالتالي فإن كثرة الحديث عن غزة بصفة موسمية لأنها تحت القصف الاسرائيلي المتواصل و العشوائي، لا يجب أن ينسينا أنها معاناة يومية متواصلة و أنه كان الأحرى و الأجدر بنا أن تكون كل أيامنا تخليدا لصمود الفلسطينيين
أنا ضدّ حزب الله، لأنه غيّر من مواقفه و سياساته الداخلية في لبنان لأسباب إقليمية لا علاقة لها بمصلحة وطنه و أبناء شعبه....لأنه مقتنع تمام الاقتناع بأن الحل في إقامة إمارة إسلامية و هو ما يتنافى و طبيعة العيش المشترك في لبنان و تواجد طوائف أخرى يحق لها العيش الكريم تحت وطن واحد و علم واحد....لأنه غيّر من مواقفه عندما و سياساته عندما سبق له و أن صرّح مرّات أنه لا دخل له بما يحدث في فلسطين و أن هدفه لم يكن يوما تحرير فلسطين، بل هدفه تحرير جنوب لبنان و أنه يمكنه أن يكون مثالا يقتدي به الفلسطينيون من أجل تحرير وطنهم و مقاومة المحتل، لأنه أكد مرات عدّة أنه لن يستعمل سلاحه للداخل و لأنه أكد مرات أكثر على اهتمامه بأمن لبنان و أمن مواطينيه و لكن العكس هو ما رأيناه و نراه. فهو انفرد بقرارات السلم و الحرب و أدخل لبنان يف حرب مجانية دمّرت المكتسبات و مجاولات الاعمار و ووجه سلاحه نحو الداخل مستعرضا قوّته و مروّعا الأهالي في مناظر لا تختلف عن ترويع الاسرائيليين للفلسطينيين و عندما استنتج أنه بدأ يفقد شرعية سلاحه و عدد مناصريه وجّه نظره نحو فلسطين و أصبح يتحدث عن وجوب تحرير كامل الأرض شاحنا عزيمة العرب و المسلمين العاطفيين الذين تتغيّر أهوائهم بسرعة و تحتدّ طباعهم و تنغلق آذانهم و أعينهم ما إن يسمعوا بفلسطين و بالمقاومة من دون أن تكون لهم استراتيجية واضحة أو اطّلاعا تاما و كاملا. أنا ضد حزب الله لأنه احتل وسط بيروت و شلّ حركة الاستثمار و أغلق طريق المطار و تعرّض للمواطنين و بصفة خاصة معارضيه و لأنه بات يستعرض قوّته داخل حدود وطنه و بات لا يشعر بالحرج بشكر سوريا و إيران علنا و هنـــــــا أقول إن للعمالة وجه واحد لا عدّة أوجه فحتى الولاء للأشقاء و الأصدقاء إنما هو عمالة و خيانة للوطن طالما أنه يتعارض و مصلحة الشعب و طالما أن تم إعلاء المصلحة الخاصة للحزب على مصلحة وطن كامل
جميعنا غزة و جميعنا فلسطين و لكن لا يحق لأحد أن يقحم الآخرين فيما لا يريدوه....لا حق لأحد أن يحكم على المجموعة طبقا لآهوائه و آرائه....لا يحق لأحد أن يصادر القرار و أن يعرّض حياة الناس و ممتلكاتهم للخطر.
إن من يتحدثون اليوم باسم الدين و الاسلام و القرآن و الأحاديث النبوية، ليسوا بأكثر مني و منا تدينا أو حبا للاسلام. و إن تهجمهم واختيارهم لآيات تحضّ على الكراهية و القتل و التكفير و التصغير، إنما هو وقوف عند "ويل للمصليّن". قبل أن نستعمل الدين، لنمعن النظر فيه و لنقرأ شرح و أسباب نزول تلك الآيات ، لا أن نستبيح دماء الناس لمجرّد أنهم يخالفونا الرأي أن العقيدة
حتى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلّم، لم يحارب إلا الكفار و من حاربوه . و لكنه كان قبل كل حرب أو غزوة، يدخل في مفاوضات و بالتي هي الحسنى فكانت الحرب دائما خياره الوحيد. حتى عندما خاطب كسرى الفرس و قيصر الروم، وجّه لهم خطابات تناديهم بألقابهم الامبراطورية و الملكية، فكان بذلك مثالا في الاحترام و البساطة، قبل أن ينتقل إلى المعركة.
الاسلام لم يرفض يوما اليهود أو المسيحيين و الدليل أنه اعتبرهم أصحاب الكتاب و أهل الذمة و لم يدعو يوما غلى إدخالهم الدين الاسلامي بالقوة و في ذلك دليل إلهي على التسامح و على أنهم ليسوا بمختلفين عنا و إنما هو التطور و التقدم و الأنانية المفرطة في الفرد و تضارب المصالح و السياسة، هي من أفسدت العلاقة بين الأديان الثلاثة و ولدّت تياّرات متطرفة تستغل الدين من أجل تحقيق مآرب سياسية و مستغلّة ضعف الناس المستضعفين و حساسية المواقف و لا سيما حساسية الناس من المواضيع الدينية و تحمّسها لها
أنا ضد حماس ليس لأنها تقاوم، أو لأنها في الحكم طالما هي وصلت للحكم عن طريق صناديق الاقتراع، و لكنني ضد استغلال المواقف و ضد استغلال الأبرياء و ضد الانقلاب على السلطة و تقسيم الشارعين الفلسطيني و العربي، المنقسمين أصلا، فما قامت به حماس ضدّ المنتمين إلى حركة فتح، لا يقلّ عن ما تقوم به إسرائيل ضدّ كل أبناء فلسطين. و لا يمكن أن يكونوا كلّهم عملاء أو خونة، و لكن يحق لكا واحد أن يدافع عن انتماءاته و لكن المصيبة عندما يستغلّ احدهم سلطته و نفوذه حتى يحكم مثلما يريد و ينسى أنه في بيئة تشاركية و أن عليه التنسيق مع الجميع ريثما يسترجع أراضيه و يبني دولته المنشودة
إسرائيل لا و لن و لم تحترم يوما المعاهدات الدولية و الاتفاقات و كل ما يهم الانسانية و القانون الدولي، و بالتالي فإن تذكيرها بكل ذلك، لا نفع له لأنه كمن يحرث البحر. بالتالي لا بد من البحث عن الحلول التوفيقية و التي تساعدنا على إيقاف حمّام الدم
بالرغم من ذلك، لا وجود للمستحيل...أكيد أننا سنرى يوما مثول شخصيات إسرائيلية أمام محاكم دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية و الاستغلال المفرط للقوّة ضد شعب أعزل و ممارسة تعذيب و عقاب جماعي للفلسطينيين
لقد انقسمنا و اخترنا خياران لا يتقبلان. فمنا من اختار المقاومة سبيلا و قرّر تحرير كامل الأرض بالقوة و هي سياسة قائمة منذ أكثر من 60 عاما و لم تصل إلى شيئ.و لكنني لا ادعي هنا أنها عقيمة أو أنها قد لا تصل إلى شيئ و لكن التجربة أوضحت أن العنف وحده لا يثمر. فلا بدّ من وجود قنوات دبلوماسية خلفية مع العدو. حتى حزب الله دخل في مفاوضات مع الاسرائيليين حول مسائل مختلفة فاستعمل السلاح و استعمل التفاوض
و كل حركات التحرير الوطني، مرّت بالمقاومة المسلحة و بالطريق الدبلوماسية
و البعض منا اختار العمل الدبلوماسي مع الاسرائيليين، ليس من داعي الخوف أو الجبن أو العمالة، و لكن لأنه لدينا خياران لا ثالث لهما: فإما أن نعلن الحرب الشاملة على اسرائيل و أن نتوقف عن عملية بناء شعوبنا و دولنا و النهوض بمناطقنا و أن نكون جميعا خدمة و فداء لإسرائيل، و من هنا اتسائل من أين لنا الحصول على التكنولوجيا العسكرية التي ستمكننا من ذلك، طالما أننا سنضع أنفسنا في عداء تام مع الغرب الذي لن يبيع لنا شيئ. كيف سنحارب و خزائن أغلب الدول العربية باستثناء الحليج فارغة؟ كيف سنحارب و نحن أمة لم تحقق أمنها الغذائي؟ كيف سنحارب و معدّلات الأمية مرتفعة؟ و بماذا سنحارب؟
يتحدّث العديدون عن سلاح النفط و لكن ليس فقط العرب من يملكون النفط. فروسيا و كندا و بريطانيا من أكبر الدول المنتجة للنفط. و مخزون الولايات المتحدة يحوي كميات كبيرة. و لئن أظهرت التجربة أنه لو استعمل العرب سلاح النفط، فإنهم قادرون على تغيير الواقع، لكن يجب أن لا ننسى أن الغرب هو من يتحكم بالأسعار كما يــــــــــــــــــــــــا إخواني، إن العالم قد تغيّر كثيرا عن 1972 و 1973 و 1974 و 1975. نحن اليوم في 2009. هناك تداخل كبير في اقتصاديات الدول و ربما الأمر الذي كان يضرّ مصالح الغرب في وقت ما، أضحى استعماله اليوم مضرا لنا قبلهم
و حتى لا يأخذني الحديث، الفريق الثاني هو الذي اختار السلام...و السلام لا يعني الاستستلام أو بيع القضية أو التخلي عن الفلسطينيين و حقوقهم، بل هو تفكير نابع من قراءة للتاريخ و من تحليل للواقع. على مر العصور كان المحتلّ دائما ما تكون له دولة ووطن أم يعود إليه إذا ما منح الاستقلال للدولة المحتلة مثل فرنسا و بريطانيا مثلا. و لكن في حالتنا هذه، نحن أمام شعب يدّعي ملكيّته للأرض و لئن قدم من مناطق مختلفة إلا أن عددا لا بأس به ولد على تلك ألأرض و أصبح يشعر بانتمائه لها مما أضحى معه من المستحيل أن تقنعه بالعودة إلى الدول التي جاء منها. إن أخبرته ذلك سيحاربك لا محالة و لن يرضخ هو الآخر لأن ما يحرّكنا نحن العرب و المسلمون،هو نفسه ما يحرّك اليهود و الاسرائيليين. فأمام هذا المأزق، هل نظل مكتوفي الأيدي؟ أم أن نحاول أن نوفق بين جميع اتلأطراف؟ هل نختار السلام و الأمن و التقدم للجميع؟ أم الاستمرار في الحرب؟ و إن اسمرينا في الحرب، فهل سستستمر الشعوب العربية في الخروج إلى الشارع و التظاهر و بالتالي التوقف عن الانتاج و التحديث و العمل و التعلّم؟ و غن هي توقفت، فمن أين سنتمكن من المقاومة و الصمود؟
هل نختار المواجهة الدائمة إلى ما لا نهاية له و ما لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى؟ أم هل أننا نختار الحوار و التفتوض و سياسة "خذ و هات"؟
إن العملية السلمية مؤلمة و فيها تنازلات من قبل الطرفين و لا يمكن لها أن تتم غلا إذا ما قبل الجميع هذا المبدأ. فأي واحد منا لن يحصل على مراده
أدعوكم أيها الإخوة، إلى التوقف عن منطق التخوين و عن منطق تبني القضية، فما من أحد منا خائن أو عميل، و لا من أحد أفضل من الآخر و القضية هي ملك للجميع لا لفرد أو مجموعة، و ما يختاره المنعيون بها يجب أن يحترم لأنهم هو الأولى و الأدرى بمصالحهم، فأهل مكّة أدرى بشعابها و إن معاناة الفلسطينيين هي معاناة يومية لا مجرّد شعارات موسمية
و لكنني شديد الاقتناع، أنه لا يحقّ لأحد، لأيّ أحد، أن ينصّب نفسه مدافعا أوحد عن القضايا العربية و عن غزة بالذات أو أن يتهّم بقية من يخالفونه الرأي بالخيانة و العمالة أو أن يتعرّض إلى أعراضهم و عائلاتهم
إن العالم يزداد يوما بعد يوم تقدّما و تطوّرا حتى أن أمما مثل الصين و الهند دخلوا عالم الفضاء الخارجي و استكشاف الكون و القمر و الكواكب إلاّ العرب فهم "إلى الوراء در...و إلى الخلف سر". و المؤلم أننا لا نزال على ذلك الخط سائرين باختيارنا و طوعنا
عوض أن نحاول إسترجاع أمجادنا بالعلم و العمل و التعلّم و البحث، نبحث دائما عن من نحمّله مشاكلنا و مآسينا فلا يظلّ لنا من مولى و لا نصير إلا البكاء على حائط المبكى الشهير
نعم...أنا ضدّ حزب الله و ضد حماس، ليس لأنهم مقاومون أو إسلاميون أو حاربوا و يحاربوا إسرائيل أو نصروا و ينصروا قضايا الأمة، فكلّ منا يقاوم و ينصر قضايا الأمة. من يكتب مقال، هو يقاوم....من ينشر صورة تفضح ممارسات غير انسانية، هو يقاوم....الإعلامي المتواجد على ساحة المعركة لينقل الحدث و الحقيقة، هو يقاوم، من يتبرّع بالمال و الدم و اللباس و الدواء و المأكل و الغطاء، هو مقاوم...من يخرج في المسيرات و المظاهرات، هو يقاوم...من يشاهد التلفزيون و يتألم و لو في صمت، هو يقاوم....... لأنه "إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر *** و لا بد لليل أن ينجلي * و لا بد للقيد أن ينكسر"
أن يستمر عدد من المدونين لأسباب عاطفية و أخرى إنسانية و أخرى مخفية هدفها الحصول على أكبر عدد ممكن من الداعمين و المناصرين و القرّاء و التربّع على عرش تن-بلوغز أو كذلك من أجل تمرير رسائل سياسية، كل هذا يجب أن يتوقف حالا
إن القضية الفلسطينية و قضايانا العربية مثل مزارع شبعا المحتلة و هضبة الجولان و كذلك مراجعة معاهدات السلام بين إسرائيل و عدد من الدول العربية، كلها مطالب ننادي بها جميعا و نعمل من أجل تحقيقها و بالتالي هي فوق كلّ المزايدات
إن من يستثمرون موت الفلسطينيين و دمائهم من أجل تحقيق مآرب شخصية أو الدعوة إلى الانقلاب على السلطات، إنما هو يتاجر بدماء الشهداء و المستضعفين و بتاريخ الأمة الجمعاء. هذا لا يعني أن عددا كبيرا منا يتحرّك ليس فقط بسبب عاطفته، و لكن لأن إسرائيل تقوم و بحق، بمجزرة و محرقة و تصفية كاملة للفلسطينيين العزّل.
إن من يعتقد أن إسرائيل تقوم بتصفية لحركة حماس فهو مخطئ. إن إسرائيل ترتكب في مجازر ضدّ الانسانية و بتصفية عرقية و تحاول أن تضع أشرطة أمنية عازلة بينها و بين القطاع مثلما تم بينها و بين جنوب لبنان. و هي أيضا تطبّق حرفيا ما قاله الرئيس المصري السابق و من تبعه من سياسة "يا الكل...يا بلاش" و سياسة "سنرميهم في البحر". اليوم تأكد أن الغزّاويين، و أمام حدّة و وحشية الآلة العسكرية الاسرائيلية و أمام انسداد الآفاق و الحصار، قد يهرعون يوما إلى البحر ليكون خلاصهم
إن معاناة غزة و أهلها، بقطع النظر عن انتماءاتهم، هي معاناة يومية منذ أكثر من ستين عاما مثلما هي معاناة الضفة الغربية و كامل الأراضي العربية المحتلّة. و بالتالي فإن كثرة الحديث عن غزة بصفة موسمية لأنها تحت القصف الاسرائيلي المتواصل و العشوائي، لا يجب أن ينسينا أنها معاناة يومية متواصلة و أنه كان الأحرى و الأجدر بنا أن تكون كل أيامنا تخليدا لصمود الفلسطينيين
أنا ضدّ حزب الله، لأنه غيّر من مواقفه و سياساته الداخلية في لبنان لأسباب إقليمية لا علاقة لها بمصلحة وطنه و أبناء شعبه....لأنه مقتنع تمام الاقتناع بأن الحل في إقامة إمارة إسلامية و هو ما يتنافى و طبيعة العيش المشترك في لبنان و تواجد طوائف أخرى يحق لها العيش الكريم تحت وطن واحد و علم واحد....لأنه غيّر من مواقفه عندما و سياساته عندما سبق له و أن صرّح مرّات أنه لا دخل له بما يحدث في فلسطين و أن هدفه لم يكن يوما تحرير فلسطين، بل هدفه تحرير جنوب لبنان و أنه يمكنه أن يكون مثالا يقتدي به الفلسطينيون من أجل تحرير وطنهم و مقاومة المحتل، لأنه أكد مرات عدّة أنه لن يستعمل سلاحه للداخل و لأنه أكد مرات أكثر على اهتمامه بأمن لبنان و أمن مواطينيه و لكن العكس هو ما رأيناه و نراه. فهو انفرد بقرارات السلم و الحرب و أدخل لبنان يف حرب مجانية دمّرت المكتسبات و مجاولات الاعمار و ووجه سلاحه نحو الداخل مستعرضا قوّته و مروّعا الأهالي في مناظر لا تختلف عن ترويع الاسرائيليين للفلسطينيين و عندما استنتج أنه بدأ يفقد شرعية سلاحه و عدد مناصريه وجّه نظره نحو فلسطين و أصبح يتحدث عن وجوب تحرير كامل الأرض شاحنا عزيمة العرب و المسلمين العاطفيين الذين تتغيّر أهوائهم بسرعة و تحتدّ طباعهم و تنغلق آذانهم و أعينهم ما إن يسمعوا بفلسطين و بالمقاومة من دون أن تكون لهم استراتيجية واضحة أو اطّلاعا تاما و كاملا. أنا ضد حزب الله لأنه احتل وسط بيروت و شلّ حركة الاستثمار و أغلق طريق المطار و تعرّض للمواطنين و بصفة خاصة معارضيه و لأنه بات يستعرض قوّته داخل حدود وطنه و بات لا يشعر بالحرج بشكر سوريا و إيران علنا و هنـــــــا أقول إن للعمالة وجه واحد لا عدّة أوجه فحتى الولاء للأشقاء و الأصدقاء إنما هو عمالة و خيانة للوطن طالما أنه يتعارض و مصلحة الشعب و طالما أن تم إعلاء المصلحة الخاصة للحزب على مصلحة وطن كامل
جميعنا غزة و جميعنا فلسطين و لكن لا يحق لأحد أن يقحم الآخرين فيما لا يريدوه....لا حق لأحد أن يحكم على المجموعة طبقا لآهوائه و آرائه....لا يحق لأحد أن يصادر القرار و أن يعرّض حياة الناس و ممتلكاتهم للخطر.
إن من يتحدثون اليوم باسم الدين و الاسلام و القرآن و الأحاديث النبوية، ليسوا بأكثر مني و منا تدينا أو حبا للاسلام. و إن تهجمهم واختيارهم لآيات تحضّ على الكراهية و القتل و التكفير و التصغير، إنما هو وقوف عند "ويل للمصليّن". قبل أن نستعمل الدين، لنمعن النظر فيه و لنقرأ شرح و أسباب نزول تلك الآيات ، لا أن نستبيح دماء الناس لمجرّد أنهم يخالفونا الرأي أن العقيدة
حتى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلّم، لم يحارب إلا الكفار و من حاربوه . و لكنه كان قبل كل حرب أو غزوة، يدخل في مفاوضات و بالتي هي الحسنى فكانت الحرب دائما خياره الوحيد. حتى عندما خاطب كسرى الفرس و قيصر الروم، وجّه لهم خطابات تناديهم بألقابهم الامبراطورية و الملكية، فكان بذلك مثالا في الاحترام و البساطة، قبل أن ينتقل إلى المعركة.
الاسلام لم يرفض يوما اليهود أو المسيحيين و الدليل أنه اعتبرهم أصحاب الكتاب و أهل الذمة و لم يدعو يوما غلى إدخالهم الدين الاسلامي بالقوة و في ذلك دليل إلهي على التسامح و على أنهم ليسوا بمختلفين عنا و إنما هو التطور و التقدم و الأنانية المفرطة في الفرد و تضارب المصالح و السياسة، هي من أفسدت العلاقة بين الأديان الثلاثة و ولدّت تياّرات متطرفة تستغل الدين من أجل تحقيق مآرب سياسية و مستغلّة ضعف الناس المستضعفين و حساسية المواقف و لا سيما حساسية الناس من المواضيع الدينية و تحمّسها لها
أنا ضد حماس ليس لأنها تقاوم، أو لأنها في الحكم طالما هي وصلت للحكم عن طريق صناديق الاقتراع، و لكنني ضد استغلال المواقف و ضد استغلال الأبرياء و ضد الانقلاب على السلطة و تقسيم الشارعين الفلسطيني و العربي، المنقسمين أصلا، فما قامت به حماس ضدّ المنتمين إلى حركة فتح، لا يقلّ عن ما تقوم به إسرائيل ضدّ كل أبناء فلسطين. و لا يمكن أن يكونوا كلّهم عملاء أو خونة، و لكن يحق لكا واحد أن يدافع عن انتماءاته و لكن المصيبة عندما يستغلّ احدهم سلطته و نفوذه حتى يحكم مثلما يريد و ينسى أنه في بيئة تشاركية و أن عليه التنسيق مع الجميع ريثما يسترجع أراضيه و يبني دولته المنشودة
إسرائيل لا و لن و لم تحترم يوما المعاهدات الدولية و الاتفاقات و كل ما يهم الانسانية و القانون الدولي، و بالتالي فإن تذكيرها بكل ذلك، لا نفع له لأنه كمن يحرث البحر. بالتالي لا بد من البحث عن الحلول التوفيقية و التي تساعدنا على إيقاف حمّام الدم
بالرغم من ذلك، لا وجود للمستحيل...أكيد أننا سنرى يوما مثول شخصيات إسرائيلية أمام محاكم دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية و الاستغلال المفرط للقوّة ضد شعب أعزل و ممارسة تعذيب و عقاب جماعي للفلسطينيين
لقد انقسمنا و اخترنا خياران لا يتقبلان. فمنا من اختار المقاومة سبيلا و قرّر تحرير كامل الأرض بالقوة و هي سياسة قائمة منذ أكثر من 60 عاما و لم تصل إلى شيئ.و لكنني لا ادعي هنا أنها عقيمة أو أنها قد لا تصل إلى شيئ و لكن التجربة أوضحت أن العنف وحده لا يثمر. فلا بدّ من وجود قنوات دبلوماسية خلفية مع العدو. حتى حزب الله دخل في مفاوضات مع الاسرائيليين حول مسائل مختلفة فاستعمل السلاح و استعمل التفاوض
و كل حركات التحرير الوطني، مرّت بالمقاومة المسلحة و بالطريق الدبلوماسية
و البعض منا اختار العمل الدبلوماسي مع الاسرائيليين، ليس من داعي الخوف أو الجبن أو العمالة، و لكن لأنه لدينا خياران لا ثالث لهما: فإما أن نعلن الحرب الشاملة على اسرائيل و أن نتوقف عن عملية بناء شعوبنا و دولنا و النهوض بمناطقنا و أن نكون جميعا خدمة و فداء لإسرائيل، و من هنا اتسائل من أين لنا الحصول على التكنولوجيا العسكرية التي ستمكننا من ذلك، طالما أننا سنضع أنفسنا في عداء تام مع الغرب الذي لن يبيع لنا شيئ. كيف سنحارب و خزائن أغلب الدول العربية باستثناء الحليج فارغة؟ كيف سنحارب و نحن أمة لم تحقق أمنها الغذائي؟ كيف سنحارب و معدّلات الأمية مرتفعة؟ و بماذا سنحارب؟
يتحدّث العديدون عن سلاح النفط و لكن ليس فقط العرب من يملكون النفط. فروسيا و كندا و بريطانيا من أكبر الدول المنتجة للنفط. و مخزون الولايات المتحدة يحوي كميات كبيرة. و لئن أظهرت التجربة أنه لو استعمل العرب سلاح النفط، فإنهم قادرون على تغيير الواقع، لكن يجب أن لا ننسى أن الغرب هو من يتحكم بالأسعار كما يــــــــــــــــــــــــا إخواني، إن العالم قد تغيّر كثيرا عن 1972 و 1973 و 1974 و 1975. نحن اليوم في 2009. هناك تداخل كبير في اقتصاديات الدول و ربما الأمر الذي كان يضرّ مصالح الغرب في وقت ما، أضحى استعماله اليوم مضرا لنا قبلهم
و حتى لا يأخذني الحديث، الفريق الثاني هو الذي اختار السلام...و السلام لا يعني الاستستلام أو بيع القضية أو التخلي عن الفلسطينيين و حقوقهم، بل هو تفكير نابع من قراءة للتاريخ و من تحليل للواقع. على مر العصور كان المحتلّ دائما ما تكون له دولة ووطن أم يعود إليه إذا ما منح الاستقلال للدولة المحتلة مثل فرنسا و بريطانيا مثلا. و لكن في حالتنا هذه، نحن أمام شعب يدّعي ملكيّته للأرض و لئن قدم من مناطق مختلفة إلا أن عددا لا بأس به ولد على تلك ألأرض و أصبح يشعر بانتمائه لها مما أضحى معه من المستحيل أن تقنعه بالعودة إلى الدول التي جاء منها. إن أخبرته ذلك سيحاربك لا محالة و لن يرضخ هو الآخر لأن ما يحرّكنا نحن العرب و المسلمون،هو نفسه ما يحرّك اليهود و الاسرائيليين. فأمام هذا المأزق، هل نظل مكتوفي الأيدي؟ أم أن نحاول أن نوفق بين جميع اتلأطراف؟ هل نختار السلام و الأمن و التقدم للجميع؟ أم الاستمرار في الحرب؟ و إن اسمرينا في الحرب، فهل سستستمر الشعوب العربية في الخروج إلى الشارع و التظاهر و بالتالي التوقف عن الانتاج و التحديث و العمل و التعلّم؟ و غن هي توقفت، فمن أين سنتمكن من المقاومة و الصمود؟
هل نختار المواجهة الدائمة إلى ما لا نهاية له و ما لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى؟ أم هل أننا نختار الحوار و التفتوض و سياسة "خذ و هات"؟
إن العملية السلمية مؤلمة و فيها تنازلات من قبل الطرفين و لا يمكن لها أن تتم غلا إذا ما قبل الجميع هذا المبدأ. فأي واحد منا لن يحصل على مراده
أدعوكم أيها الإخوة، إلى التوقف عن منطق التخوين و عن منطق تبني القضية، فما من أحد منا خائن أو عميل، و لا من أحد أفضل من الآخر و القضية هي ملك للجميع لا لفرد أو مجموعة، و ما يختاره المنعيون بها يجب أن يحترم لأنهم هو الأولى و الأدرى بمصالحهم، فأهل مكّة أدرى بشعابها و إن معاناة الفلسطينيين هي معاناة يومية لا مجرّد شعارات موسمية