vendredi, juillet 10, 2009

الحزب الديمقراطي التقدمي يغالط الرأي العام العربي و التونسي







دائما ما تثير الانتخابات الرئاسية و التشريعية في أي بلد كان الكثير من القال و القيل و تسيل الكثير من الحبر. و لكن أن يتعمّد حزب ما أو مجموعة من الأحزاب أو الأشخاص مغالطة الرأي العام، فإن هذا أمر غير مقبول و لا يمكن السكوت عنه.

يحاول عدد من الأحزاب و من الأطراف التونسية التي تتدّعي أنها "المعارضة الحقيقة"، سواء في الداخل أو في الخارج، تشويه الحقائق بما يخدم مصالحهم الضيقة أو يسيء لأطراف أخرى. و من أهم النقاشات التي تشهدها الساحة الوطنية هو سعي السيد أحمد نجيب الشابي إلى تقديم ترشّحه للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي التقدمي إضافة إلى اللغط المتواصل حول تنقيح الفصل 40 من الدستور و المتعلّق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

يجب أن يعلم التونسيون و التونسيات أنه يحق للسيد أحمد نجيب الشابي أن يقدّم ترشحه للانتخابات الرئاسية و مع ذلك، يصرّ السيد الشابي على اتهام السلطة و الحزب الحاكم بتنقيح الدستور حتى يكون على مقاس مرشّح الحزب الحاكم و الرئيس المنتهية ولايته الرئيس بن علي. و لكن يبدو أنه قد غاب عن السيد الشابي و عن التونسيين و التونسيات، أن السيد أحمد نجيب الشابي يريد قانونا دستوريا على مقاسه هو و بالتالي يسمح له بالترشح . كما يتعمّد مغالطة الرأي العام العالمي و العربي و التونسي من خلال نشر معلومات زائفة حول تنقيح الدستور.

*******

من المؤسف أن التونسيون لا يفقهون القانون جيدا و بصفة خاصة القانون الدستوري. كما أنه من المؤسف أن رجال القانون الدستوري في بلادنا لا يساهمون في تفسير النصوص الدستورية و القانون الانتخابي للمواطنين و لا يعملون على تبسيطها حتى يكون المواطن على بيّنة من أمره. خاصة و ان قانوننا الدستوري و قانوننا الانتخابي يسمح بمشاركة واسعة لجميع الأطياف السياسية في البلاد و يضمن التعددية كما أنه نظام انتخابي شفاف يسمح للمشاركين في الانتخابات و حتى للمواطنين بمتابعة عمليات الانتخاب أو الفرز ناهيك عن الضمانات الدستورية و القانونية للمترشحين و للمواطنين و ضمان إمكانية الطعن أمام المجلس الدستوري في صورة حصول خروقات.

إذن، يحق من حيث المبدأ للسيد أحمد نجيب الشابي أن يترشّح لرئاسة الجمهورية. ذلك أن تنقيح الفصل 40 من الدستور و المتعلّق بالترشح لرئاسة الجمهورية، لم يقع المساس به. بل وقع فقط تنقيح الفقرة الثالثة من الفصل 40 و التنقيح هو تنقيح استثنائي، بحيث أن أصل النص لم يقع المساس به.

*****

و ينص الفصل 40 من الدستور على أن "1) الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي غير حامل لجنسية أخرى، مسلم مولود لأب و لأم و جد لأب و لأم تونسيين. و كلّهم تونسيون بدون انقطاع.

2) كما يجب أن يكون المترّشح يوم تقديم ترشّحه بالغا من العمر أربعين سنة على أقل و خمس و سبعين سنة على الأكثر و متمتّعا بجميع حقوقه المدنية و السياسية.

3) و يقع تقديم المترشّح من قبل عدد من أعضاء مجلس النواب و رؤساء البلدية، حسب الطريقة و الشروط التي يحدّدها القانون الانتخابي.

4) و يسجّل الترشّح بدفتر خاص لدى المجلس الدستوري.

5) و يبتّ المجلس الدستوري في صحّة الترشّح و يعلن عن نتيجة الانتخابات، و ينظر في الطعون المقدّمة إليه في هذا الصّدد وفقا لما يظبطه القانون الانتخابي."

*****

و تنصّ المجلة الانتخابية في فصلها 66 على أنه "لا يقبل أي مطلب ترشح إلا إذا وقع تقديمه بصفة فردية أو جماعية من قبل ما لا يقل عن ثلاثين مواطنا من بين أعضاء مجلس النواب أو من رؤساء مجالس بلدية..."


بالتالي، يحق لكل شخص تتوفر فيه الشروط الدستورية و القانونية أن يترشح لمنصب رئاسة الجمهورية التونسية . و بالتالي يمكن مبدئيا للسيد أحمد نجيب الشابي أن يقدّم ترشحه. و لكن..........................و لكن هناك شرط 30 توقيع. و هذا الشرط هو شرط معمول به في دول كثيرة من بينها دول لها تاريخ دستوري و ديمقراطي عريق و لا تشكل تونس استثناءا فيه. و شرط التوقيع هو شرط يضمن مصداقة المترشح و مستوى معينا من الجدية في المترشحين. بل حتى أنه يصل في بعض الدول المتقدمة و الديمقراطية إلى ضرورة الحصول على مئات إن لم نقل آلاف الأصوات حتى يتمكن شخص ما من الترشح.

و يبلغ عدد أعضاء مجلس النواب التابعين للمعارضة اليوم 37 نائبا بحيث أنه يمكن للمعارضة أو لتحالف بعض الأحزاب المعارضة منها، أن تقوم بالتوقيع لأحد المترشحين من الشخصيات أو الكفاءات الوطنية أو المعارضة حتى يكون مرشحها عوض أن يرشّح كل حزب مرشحه استنادا للقانون الدستوري الاستثنائي.

إذن، جاء بالفصل الثاني من القانون الدستوري عدد 52 لسنة 2008 المؤرخ في 28 جويلية 2008 و المتعلّق بتنقيح الفصل 20 من الدستور و بأحكام استثنائية للفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور أنه: "تدرج أحكام استثنائية للفقرة 3 من الفصل 40 من الدستور على النحو التاليز

في صورة عدم توفر شرط تقديم المترشح المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور، يمكن بصفة استثنائية بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية لسنة 2009، أن يترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الأول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيسا أو أمينا عاما أو أمين أول لحزبه شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية و أن يكون يوم تقديم ترشحه مباشرا لها منذ مدّة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه لها"

****

جاء هذا التنيقح حتى يسمح بتعّدد الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية بالنسبة لانتخابات 2009 و حتى يسمح لمن تتوفر فيه شروط هذا النص الاستثنائي من الترشح خاصة إذا لم يتوفر فيه شرط الفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور و المحيل إلى المجلة الانتخابية و المتعلّق بتوقيع 30 عضو من أعضاء مجلس النواب أو رؤساء البلديات. وهو شرط قد يصعب توفره نتيجة الالتزام الحزبي لنواب التجمع بمرشحهم و كذلك نتيجة انعدام التفاهم و كثرة التجاذبات و الاختلافات الاديولوجية و السياسية بين أحزاب المعارضة بحيث يستحيل لها أن تتفق على مرشح واحد أقلّه في هذا التوقيت.

*****

و لقد جاء هذا التنقيح ليوسّع من قاعدة الترشح بحيث أصبح يضمن لكل من يعتلي أعلى هرم الحزب منذ سنتين على الأقل من الترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية من دون الحاجة لأن يكون له نائب فأكثر بمجلس النواب أي بدون أن تكون له شرعية شعبية وصل بها إلى المشاركة في حكم البلاد و ذلك على عكس التنقيحات السابقة و التي كانت تشترط ترشح أحد أعضاء الهيئة التنفيذية للحزب أو لرؤساء و أمناء الأحزاب شريطة أن يكونوا منتخبين في مناصبهم منذ 5 سنوات متتالية على الأقل و أن يكون لهم نائب فأكثر بمجلس النواب مثلما جرى به الأمر في انتخابات 2004 و 1999.

*****

لقد صوّر البعض أن القانون الدستوري الاستثنائي جاء على مقاس الرئيس بن علي و في هذا مغالطة كبيرة و حقيقة زائفة و كلمة حق أريد بها باطل. فالرئيس بن علي هو المرّشح الوحيد الذي يتقدم للانتخابات الرئاسية دون الحاجة إلى اعتماد تنقيح الدستور. ذلك أن الرئيس بن علي يترشح لمنصب الرئيس من خلال: أوّلا، كونه مرشّح حزبه و ثانيا، بصفته الرئيس المنتهية ولايته و الذي يحق له دستوريا أن يعيد ترشيح نفسه إلى الانتخابات الرئاسية طالما و أن كافة الشروط الدستورية متوفرة فيه و أهمها، بالنسبة له، شرط العمر. فالرئيس بن علي يبلغ من العمر 73 سنة (في شهر سبتمبر المقبل) في حين أن الدستور يشترط سقف 75 سنة. لذلك فإن الرئيس بن علي ليس في حاجة لأي تنقيح كان للدستور حتى يترشح و القانون الدستوري الاستثنائي لا ينطبق عليه و ليس على مقاسه لأنه هو على رأس الحزب ليس فقط منذ سنتين متتالتين أو منذ خمسة سنوات متتالية، بل هو على رأس الحزب منذ أكثر من 20 عاما و له في المجلس غالبية النواب.

*****

و من بين الأسئلة المطروحة: لماذا إذن، طالما و أنه أصبح من غير الممكن دستوريا و قانونيا لأحمد نجيب الشابي أن يترشح لرئاسة الجمهورية، فلماذا لا يرشح الحزب أمينته العامة السيد مية الجريبي؟ ألا يؤمن الحزب بدور المرأة و أهميتها؟ ألم تبلغ المرأة التونسية جميع المراتب؟ فمالمانع إذن من أن نتابع امرأة مترشحة لرئاسة الجمهورية؟ ألا يعتبر ذلك تتويجا للمرأة التونسية؟ وطالما أن السيدة مية الجريبي تدخل تحت طائلة القانون الدستوري الاستثنائي بحيث أنها تترأس الحزب الديمقراطي التقدمي منذ أكثر من سنتين متتاليتين، فلماذا لا يرشحها الحزب الديمقراطي التقدمي لمنصب رئيس الجمهورية؟ لماذا يصرّ الجميع على ترشيح الشابي بالرغم من أنه لا يمكنه ذلك؟ لماذا قد يواصل المرء التعويل على حصان خاسر إلا إذا ما كانت نفسه تبيّت شيئا دفينا و تحاول إثارة الفتن؟ و لماذا يصر الحزب على تشويه الحقائق و تزييفها؟

الجواب بسيط: لأن والدة السيدة مية الجريبي رحمها الله هي جزائرية و الفصل 40 من الدستور يشترط في المترشح لمنصب رئاسة الجمهورية أن يكون مولودا لأب و لأم و لجد لأب و لأم تونسيين و كلهم تونسيون بدون انقطاع.

*****

كنتيجة: من يريد قانونا دستوريا و انتخابيا على مقاسه؟ هل هو الرئيس بن علي القادر على خوض سباق الرئاسة بصفة دستورية و دون الحاجة لتنقيح أو عدد آخر من المترشحين الذين لا تتوفر فيهم الشروط و لكنهم يريدون قوانين على مقاسهم؟؟؟؟؟؟