لطالما قلت لأصدقائي أن منطقة الشرق الأوسط تعيش على كف عفريت. بل إنني أعتبرها منطقة ملعونة فمشاكلها و توتّراتها لا تكاد تنقطع منذ آلاف السنين. فالأردن مثلا، يشهد منذ مدّة مشاكل عدّة و مختلفة حول مواضيع متنوّعة مثل غلاء المعيشة و ارتفاع الأسعار و نسبة التضخم و تردي حالة بعض المؤسسات الصحيّة و حالة التسمم الغذائي التي عانت منها إحدى المناطق و تلوّث المياه و غيرها. مشكلة جديدة ظهرت خلال هذه المدّة و لكن بجزئين. الجزء الأوّل سببه تغيير تسمية مهرجان جرش الشهير إلى مهرجان الأردن. البعض رأى في ذلك ضرب لتاريخ المهرجان و لمنطقة جرش الأثرية، في حين أن البعض الآخر رأى فيها دعوة لوحدة الوطن. أما الجزء الثاني من المشكلة فهو الدعوة إلى مقاطعة المهرجان جماهيريا و فنيا بدعوى أن الشركة الفرنسية المنظمة للمهرجان تتعامل مع إسرائيل و بما أننا عرب متخلفون، فلقد تم تصوير الأمر على أنه بيع للفن العربي إلى الصهاينة و تخلّ عنه
و الله الأمر مضحك مبكي. فللأردن علاقات دبلوماسية و اقتصادية قويّة و متينة مع إسرائيل. كما أن تعامل شركة فرنسية مع إسرائيل لا يعني أننا لا نتعامل مع شركات تتعامل مع إسرائيل أصلا بل و تقدمّ مساعدات مالية للدولة العبرية. هل يعني هذا أن نرفض مثلا استعمال الخطوط الفرنسية أو أليطاليا أو لوفتهانزا لأنها شركات طيران تسيّر رحلات إلى تل ابيب؟ أم هل علينا أن نقاطع كوكا كولا و بيبسي و لوفيس و ماكدونالد لأنها تبيع منتجاتها بإسرائيل؟ و ماذا عن أجهزة الهاتف المحمول و السيارات و غيرها؟
أشارت إحدى الإحصائيات إلى أن عدد المصريين العاملين بإسرائيل يتجاوز 20.000 مصري من بينهم أكثر من سبعة آلاف متزوجون من إسرائليات و حسب القانون الإسرائيلي فإنه يحق لأولادهم الحصول على الجنسية الاسرائيلية.
نحن غارقون في التطبيع مع إسرئيل حتى النخاع....سواء أردنا ذلك أو م نرده...سواء كان ذلك معلنا أو غير معلن.....سواء كان رسميا أو غير رسمي...أليس من الأفضل أن نفتح حوارا مباشرا مع الدولة العبرية و أن نركّز في نفس الوقت على كيفية تحسين مستوانا المعيشي و التعليمي و تعزيز التطور التكنولوجي و التقني و البحث عن سبل ترشيد المواطنين و توعيتهم و العمل على مزيد تحضّرهم حتى نكون في مستوى النديّة للغير؟