mardi, juin 08, 2010

عفوا سيدي برهان، أنا لدّي مشكل معهم

أذهلني تدخل الأستاذ برهان بسيس في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة مؤخرا لسببين اثنين.

أولا، عندما سأله مقدّم النشرة عن واقع الحريات في تونس خاصة و أن عشرات المنظمات الحقوقية الدولية انتقدت واقع الحريات و منها حرية التعبير، أعلن الأستاذ برهان بسيس عن تضامنه مع خمسة صحفيات بسبب انتهاك حريتهن الشخصية

في البداية اعتقدت أن الصحفيات تونسيات، و لكن الأستاذ واصل كلامه متحدثا عن انتهاك حرية 5 من صحفيات قناة الجزيرة و تقديمهن لاستقالتهن بسبب تعرّضهن لمضايقات من إدارة القناة. هذه الملاحظة السريعة، أربكت مقدّم النشرة الذي سرعانما قطع كلام الأستاذ متعلّلا أنه خارج الموضوع، في حين أن الحرية لا يمكن تجزأتها و أن المبادئ العامة للحرية الشخصية لا تختلف من بلد لآخر

ليس من الجديد علينا هذا التعتيم الذي تقوم به قناة الجزيرة و جمعها للمتناقضات تماما مثل أميرها القطري الذي لطالما استقبل الوفود الاسرائيلية قبل أن يتوجه منذ أيام إلى تركيا للتحادث مع العثماني الجديد أردوغان

ثانيا، و لئن وافقت الأستاذ في تضامنه و في الرسالة التي أراد أن يوصلها إلى الجزيرة و إلى المشاهد، فإنني أختلف معه عندما يقول أنه حن ليس لدينا أي مشكلة في أن يتعامل الإسلامي المتطرف بهويته الإسلامية المتطرفة
و في أن يتعامل اليساري المتطرف بهويته اليسارية المتطرفة

فأنا هنا لدي مشكل...فأنا لا يمكنني أن أسمح للمتطرف أن يتعامل أصلا طالما أنه متطرف. فلا يمكن للتطرف أن يكون له مكان في قاموس التعامل. و هذا لا يلغيه، و لا يعني انعدام التواصل أو التخاطب، و لكن يجب علينا العمل على إحلال الخطاب الوسطي، و نشر قيم التسامح، و رفض كل مظاهر الغلو و التطرف

و أنا مقتنع أن الفكرة التي أراد الأستاذ إيصالها هي أنه ليس لديه من مانع في أن يعلن هؤلاء الأشخاص الذين نصّبوا أنفسهم رعاة حقوق الانسان في تونس، دون أقنعة و أن يكشفوا عن خلفياتهم السياسية و الايديولوجية، عوض أن يستعملوا غطاء الديمقراطية و الحرية أو كأن يتحالف المتضادون من اسلاميين و يساريين

نحن شعب منفتح و واع، نرفض كل خطاب يدعو إلى الاقصاء أو التهميش، و ندعو إلى التسامح و الوسطية و الاعتدال، من دون أن نتنازل عن حقنا في الحفاظ على استقلال ترابنا و مناعة وطننا و سيادة قرارنا و لا يعني ذلك أيضا الانبطاح أو التراجع عن نصرة قضايا الحق و العدل في العالم

إن من لديه نظرة مغايرة لسير الأمور في تونس، فليتفضل و ليقدم طرحه و برنامجه من دون استغلال للدين أو الترهيب و من دون اتباع أساليب متطرفة أو استعمال للقوة أو جعل المواطن و أملاكه و أمواله و عائلته عرضة للمخاطر