لأنني أؤمن بالحرية و بالديمقراطية و بحقوق الانسان و بالحق في الاختلاف، و لأنني عاقد العزم على المضي قدما في تطبيق هذه المفردات لا أن تكون مجرّد شعارات ترفع، فإنني أندّد و بشدّة بعمليّة الحجب المتواصلة لعدد كبير من المواقع الالكترونية و صفحات الانترنات و بصفة خاصة تعرّض عدد من المدوّنات للغلق و أخيرا و لكن ليس آخرا، حجب موقع فايس بوك. إنني أتسائل أمام ظهور عدد من الوزراء التونسيين في برامج عدد من القنوات الفضائية، ماداموا يدّعون أن الحكومة التونسيةليس لديها ما تقلق بشأنه، و مادامت الحكومة التونسية لا تخفي شيئا، و مادامت تونس دعت لعقد قمة عالمية للمعلومات و احتضنت الجولة الثانية منها، و مادامت تونس تحتلّ مراكز متقدّمة على مستوى المعلوماتية مقارنة بعدد كبير من الدول المتخلّفة، فلماذا كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلّ هذا الحجب للمواقع و الصفحات؟ ممّ تخاف الحكومة؟ و نحن نعيش القرن الحادي و العشرين حيث أنه هناك مليون طريقة حتى تصل المعلومة دون أن تخضع للمراقبة، فلماذا لاتزال سلطات بلادنا تستخف بالشعب و تسخر منه و تستهزأ به؟ أوليس هو نفسه الشعب الذي بلغ من النضج و الوعي ما يسمح لكل أبناءه وفئاته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه في ظل نظام جمهوري يولي المؤسسات مكانتها ويوفر أسباب الديمقراطية المسؤولة، وعلى أساس سيادة الشعب كما نص عليها الدستور ........فلا مجال في عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا لخلافة آلية لا دخل فيها للشعب، فشعبنا جدير بحياة سياسية متطورة ومنظمة تعتمد بحق تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية؟
لقد ضقت ذرعا بتصرّفات عدد من المسؤولين التونسيين الذي باتوا يسيؤون إلى تونس أكثر مما يخدمون مصالحها و يدافعون على مكتسابتها. لقد أصبحوا يمثّلون خطرا و تهديدا مباشرا للحزب الحاكم و لتاريخه و هي تصرّفات تصيبني بالخجل و يندى لها الجبين. أعيد و أكرّر: إننا نعيش في العام 2008 من القرن 21 و لسنا بالستينات أو السبعينيات من القرن الماضي. إن هذا الشعب الذي أراد الحياة، و إن كان شعبا جبانا، إلا أنه يستحق أن يلقى معاملة تليق بتاريخه و بحضارته و بالمستوى التعليمي و الثقافي و الحضاري الذي وصل إليه. قد نغتال شخصا، و لكن لا يمكن أبدا أن نغتال الفكرة.